إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
الصيام آداب وأحكام
74339 مشاهدة print word pdf
line-top
القسم الأول يحيونها بالعبادات

ينقسم الناس في إحياء هذه الليالي إلى أربعة أقسام:
القسم الأول : يحيونها بالعبادات :
هناك من يحيون العشر الأواخر من رمضان بالعبادات فيحيونها بالصلاة، وطول القيام والركوع والسجود، اقتداءً بفعل نبيهم - صلى الله عليه وسلم - فقد كان يديم الصلاة في هذه الليالي؛ فإنه صلى ليلة ببعض صحابته حتى خشوا أن يفوتهم السحور، وكذلك صلى مرة ومعه رجل من أصحابه -وهو حذيفة - فقرأ في ركعة واحدة ثلاث سور: سورة البقرة وسورة آل عمران، وسورة النساء، يقرأ بتدبر، ويقف عند آية الرحمة فيسأل، وعند آية العذاب فيتعوذ، يقول: فما صلى ركعتين، أو أربع ركعات حتى جاءه المؤذن للصلاة .
وهذا هو الأصل في إحياء هذه الليالي، فتجد المجتهدين قبل سنوات يهتمون بهذه الليالي، ويولونها زيادة نشاط وعبادة، اقتداءً بفعل نبيهم - صلى الله عليه وسلم - بحيث إنهم يزيدون في قيام هذه الليالي، ويقطعون الليل كله في الصلاة، فيصلون عشر ركعات، ويقرءون فيها نحو جزء ونصف، ثم يستريحون نحو نصف ساعة ثم يصلون أربع ركعات بسلامين في ساعتين، أو ساعة ونصف على الأقل يقرءون فيها ثلاثة أجزاء، أو جزئين ونصفا ، ثم يستريحون نحو ساعة أو أقل، ثم يصلون ست ركعات تستغرق ساعتين ونصفا ، أو ثلاث ساعات، يقرءون فيها أيضا ثلاثة أجزاء أو ثلاثة ونصفا ، ثم يستريحون قليلا ، ثم يصلون الوتر، فيكون ليلهم كله عامرا بالصلاة، وإنما يتخللها فترات راحة، وذلك اقتداء بما كان عليه السلف والصحابة ومن بعدهم.
وكان الصحابة يصلون في ليالي رمضان ثلاثا وعشرين ركعة، وربما صلى بعضهم، أو بعض التابعين كما عند الإمام مالك في رواية ستا وثلاثين، وقد روي ذلك عن الإمام الشافعي وقد يصلي بعضهم في ليالي رمضان إحدى وأربعين ركعة فيصلون أربع ركعات، وتستغرق نصف ساعة، يستريحون بعدها نحو خمس أو عشر دقائق، ثم يصلون أربعا وهكذا، ولذلك سموا هذا القيام بالتراويح حيث إنهم يرتاحون بعد كل أربع ركعات، فهذه الأفعال هي حقا إحياء لهذه الليالي في العبادة.
ويدخل في إحياء تلك الليالي أيضا إحياؤها بالقراءة؛ فإن هناك من يسهر ليالي العشر يصلون ما قدر لهم، ثم يجتمعون حلقات، ويقرءون ما تيسر من القرآن في بيت من بيوت الله في المساجد، أو في بيت أحدهم رجاء أن تُحقَّق الفضائل التي رتبت على ذلك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده .
فإذا اجتمع جماعة، عشرة أو عشرون، أو نحو ذلك يقرءون القرآن؛ يقرأ أحدهم، وبقيتهم يستمعون له، ناظرين في مصاحفهم، ثم يقرأ الثاني، حزبا أو نصف حزب، أو ربعه، ثم يقرأ الثالث.. وهكذا، فيصدق عليهم أنهم يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، فيُحيون ليلهم بالطاعات والقربات.
كذلك إذا أحيوا الليل بتعلم أو تعليم كان ذلك أيضا أحياءً لهذه الليالي بطاعة، فإذا أحيينا ليلنا أو جزءا من ليلنا في تعلُّم علوم دينية، كان ذلك إحياء لهذه الليالي بطاعة تنفعنا إن شاء الله، فهؤلاء هم الذين ربحوا ليلهم، واستفادوا من وقتهم .

line-bottom