إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
الصيام آداب وأحكام
48828 مشاهدة
القسم الرابع يحيونها في المعاصي كبيرها وصغيرها

وهؤلاء كثير أيضا -والعياذ بالله- وهم الذين يحيون هذه الليالي الشريفة في ضد الطاعة! فتراهم يسهرون على آلات اللهو، والمجون: ينصتون إلى الأغاني الفاتنة، وإلى الأشرطة الماجنة، وإلى رؤية الصور والأفلام الخليعة! وربما زادوا على ذلك هذه النظرات التي ينظرونها إلى ما يثير الشهوات المحرمة؛ فإن سماع هذه الأغاني الفاتنة يزرع في القلوب محبة الزنا والفساد؛ فيدفعهم ذلك إلى طلب المحرمات.
وكذلك فإن مشاهدتهم لتلك الصور الخليعة تزرع في قلوبهم محبة الشرور فتدفعهم اندفاعا كليا إلى أن يأتوا ما لا يحل لهم من زنا، أو شرب خمر، أو ما أشبه ذلك، وكثير منهم لا تحلو مجالسهم ولا تلذّ إلا إذا شنَّفوا أسماعهم بالأغاني الخليعة! ومتّعوا أعينهم بالصور الهابطة! وعطَّروا أفواههم بالكلام القبيح! وملأوا شهواتهم وبطونهم بالأشربة المحرمة من خمر ونحوها! فيجمعون بذلك بين ترك الطاعة، وارتكاب المعصية، أو ما يسبب محبة المعصية.
فمثل هؤلاء مع كونهم محرومين، فإنهم آثمون إثما كبيرا ، وهؤلاء موجودون بكثرة، ويشكو منهم كثير من الهيئات ممن يأمرون بالمعروف، أو ينهون عن منكر بكثرة، وغالبا ما يعثرون عليهم حتى في نهار رمضان ويقبض عليهم وهم في سكر!! فلا صيام، ولا ابتعاد عن المحرمات! وسبب ذلك أنهم طوال ليلهم وهم يتفكرون بهذه المحرمات كما زعموا! فيتمادى بهم ذلك إلى محبة هذه المعاصي، والتلذذ بها، فيستعملونها في النهار ويتركون الصيام، الذي هو ركن من أركان الإسلام، ويجمعون بين المعصية وترك الطاعة -والعياذ بالله-.
وكثيرا ما يختطفون النساء في الأسواق! ويتابعونهن، ويلمزونهن! وذلك كله من أسباب ضعف الإيمان وقلته في القلوب، وحلول المعاصي ومقدمات الكفر بدلا منه، فهذه أقسام الذين يحيون هذه الليالي، فليختر المسلم لنفسه ما يناسبه من هذه الأقسام!!.