إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
الصيام آداب وأحكام
68649 مشاهدة print word pdf
line-top
صيام المريض

لا شك أن المريض في الغالب يكلفه الصوم، ويشق عليه، فلذلك رخص الله له في الفطر في رمضان، وأمره أن يقضي عدة أيام فطره، فقال تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ .
وأجمع العلماء إلا من شذ على أن القضاء يختص بمن أفطر للمرض أو السفر، فتقدير الآية على ذلك: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فأفطر فعليه عدة ما أفطره من أيام أخر)، قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ في الكلام حذف أي من يكن منكم مريضا أو مسافرا فأفطر فليقض... إلخ، وذكر في تفسيره أن للمريض حالتان:
إحداهما : أن لا يطيق الصوم بحال فعليه الفطر وجوبا.
الثانية : أن يقدر على الصوم بضرر ومشقة، فهذا يستحب له الفطر ولا يصوم إلا جاهل يكلف نفسه.
وقال جمهور العلماء: إذا كان به مرض يؤلمه ويؤذيه، أو يخاف تماديه، أو يخاف تزايده صح له الفطر.
وأما لفظ مالك فهو المرض الذي يشق على المرء ويبلغ به، واختلفت الرواية عن مالك في المرض المبيح للفطر فقال مرة: هو خوف التلف من الصيام. وقال مرة: شدة المرض والزيادة فيه، والمشقة الفادحة...
وقال الحسن إذا لم يقدر من المرض على الصلاة قائما أفطر.
وقالت فرقة: لا يفطر بالمرض إلا من دعته ضرورة المرض نفسه إلى الفطر، ومتى احتمل الضرورة معه لم يفطر، وهذا قول الشافعي ا.هـ.
وقال الزركشي في شرح مختصر الخرقي: ومن شرط جواز الفطر عندنا التضرر بالصوم، بأن يزيد بالصوم مرضه، أو يتباطأ برؤه، ونحو ذلك، لأن ذلك وقع رخصة لنا ودفعا للحرج والمشقة عنا، ولذلك قرنه بالسفر، فإذا لم يوجد الضرر فلا معنى للفطر.. فإن تحمل من جاز له الفطر بالمرض وصام كره له ذك، لإضراره بنفسه وتركه تخفيف الله تعالى؛ ورخصته المطلوب إتيانها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته فإن فعل أجزأه، لإتيانه بالأصل الذي هو العزيمة، وصار هذا بمنزلة من أبيح له ترك القيام في الصلاة فتكلف وقام. ا.هـ.
وقال في الشرح الكبير والمرض المبيح للفطر هو الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه. قيل لأحمد متى يفطر المريض؟ قال: إذا لم يستطع. قيل: مثل الحمى؟ قال: وأي مرض أشد من الحمى. ا.هـ.
ولا شك أن الفطر لأجل المشقة والعسر، ولهذا قال تعالى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ولا شك أن الصوم مع المرض الخفيف كوجع ضرس وعين وصداع يسير لا عسر فيه؛ بل قد يكون في الفطر عسر، لاحتياجه إلى القضاء الذي يشق على كثير من الناس.
فالرخصة في الفطر عند وجود سببه، وهو المرض الذي يحصل منه ألم وصعوبة، وعدم صبر عن الشراب أو الطعام، لشدة الحرارة أو عدم تحمل الجوع والعطش مع المرض فأما الوجع اليسير فالأصل بقاء فرضية الصوم لعدم السبب الداعي إلى تركه والله أعلم.

line-bottom