لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
الصيام آداب وأحكام
68711 مشاهدة print word pdf
line-top
حصول التقوى

إن الله سبحانه وتعالى ما شرع هذا الصيام لأجل مس الجوع والظمأ، وما شرع هذا الصيام لأجل أن نعذب أنفسنا، بل لا بد من فوائد لهذا الصيام قد تظهر وقد تخفى على الكثير، ومن هذه الفوائد:
حصول التقوى:
فإن الله لما أمر بالصيام قرنه بالتقوى، كما في قول الله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فجعل التقوى مترتبة على الصيام.
ولكن متى تحصل التقوى للصائم ؟
التقوى هي: توقِّي عذاب الله، وتوقي سخطه، وأن يجعل العبد بينه وبين معصية الله حاجزا ، ووقاية، وسترا منيعا ، ولا شك أن الصيام من أسباب حصول التقوى، ذلك أن الإنسان ما دام ممسكا في نهاره عن هذه المفطرات -التي هي الطعام والشراب والنساء- فإنه متى دعته نفسه في نهاره إلى معصية من المعاصي رجع إلى نفسه فقال:
كيف أفعل معصية وأنا متلبس بطاعة الله؟!
بل كيف أترك المباحات وأفعل المحرمات؟!! .

ولهذا ذكر العلماء أنه لا يتم الصيام بترك المباحات إلا بعد أن يتقرب العبد بترك المحرمات في كل زمان؛ والمحرمات مثل: المعاملات الربوية، والغش، والخداع، وكسب المال الحرام، وأخذ المال بغير حق، ونحوذلك كالسرقة، والنهب، وهذه محرمة في كل وقت، وتزداد حرمتها مع أفضلية الزمان كشهر رمضان.
ومن المحرمات كذلك: محرمات اللسان؛ كالغيبة، والنميمة، والسباب، والشتم، واللعن، والقذف، وما إلى ذلك ، فإن هذه كلها محرمات في كل حال، ولا يتم الصيام حقيقة، ويثاب عليه إلا مع تركها.
روى الإمام أحمد في مسنده عن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن امرأتين صامتا فكادتا أن تموتا من العطش، فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم، فأعرض عنهما، ثم ذكرتا له، فأعرض عنهما، ثم دعاهما فأمرهما أن يتقيئا فتقيئتا ملء قدح قيحا ودما وصديدا ولحما عبيطا ! فقال: إن هاتين صامتا عما أحل الله، وأفطرتا على ما حرم الله عز وجل عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس .
ولأجل ذلك ورد في الحديث الشريف قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس الصيام من الطعام والشراب، إنما الصيام من اللغو والرفث (أخرجه البيهقي في السنن الكبرى: 4 -270) وقال صلى الله عليه وسلم: رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر
ويقول بعضهم شعرا :
إذا لم يكن فـي السمع مني تصـــاون وفـي بصـري غـض, وفـي منطـقي صمت
فحـظي إذن مـن صومي الجوع والظمأ  وإن قلـت: إنـي صمت يومي, فمـا صمـت!
فلا بد أن يحفظ الصائم جوارحه. روي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الغيبة والنميمة، ودع أذى الجار، وليكن عليك سكينة ووقار، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء (ذكره ابن رجب في لطائف المعارف وغيره) .
فالذي يفعل الحرام وهوصائم لا شك أنه لم يتأثر بالصوم، فمن يصوم ثم يرتكب الآثام فليس من أهل التقوى، فقد ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه . رواه البخاري .

line-bottom