اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
الصيام آداب وأحكام
64980 مشاهدة print word pdf
line-top
القرآن في رمضان

معلوم أن رمضان شهر له خصوصية بالقرآن، قال الله تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فقد أنزل الله القرآن في هذا الشهر، وفي ليلة منه هي ليلة القدر، لذا كان لهذا الشهر مزية بهذا القرآن.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرض القرآن في رمضان على جبريل عليه السلام، فكان يدارسه القرآن، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فكونه يخص ليالي رمضان بمدارسته، دليل على أهمية قراءة القرآن في رمضان، ومعلوم أن الكثير من الناس يغفلون عن قراءة القرآن في غير رمضان، فنجدهم طوال السنة لا يكاد أحدهم يختم القرآن إلا ختمة واحدة، أو ختمتين، أو ربما نصف ختمة في أحد عشر شهرا ، فإذا جاء رمضان أقبل عليه وأتم تلاوته.
ونحن نقول: إنه على أجر، وله خير كبير، ولكن ينبغي ألا يهجر القرآن طوال وقته؛ لأن الله تعالى ذمّ الذين يهجرونه، قال تعالى: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا .
ومن هجران القرآن ألا يكون الإنسان مهتما به طوال العام إلا قليلا .
ومن هجرانه كذلك أنه إذا قرأه لم يتدبره، ولم يتعقله.
ومن هجرانه أن القارئ يقرأه لكنه لا يطبقه، ولا يعمل بتعاليمه.
وأما الذين يقرءون القرآن طوال عامهم، فهم أهل القرآن، الذين هم أهل الله وخاصته.
ويجب على المسلم أن يكون مهتما بالقرآن، ويكون من الذين يتلونه حق تلاوته، ومن الذين يحللون حلاله ويحرمون حرامه، ويعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، ويقفون عند عجائبه، ويعتبرون بأمثاله، ويعتبرون بقصصه وما فيه، ويطبقون تعاليمه؛ لأن القرآن أنزل لأجل أن يعمل به ويطبق، وإن كانت تلاوته تعتبر عملا وفيها أجر.
وفضائل التلاوة كثيرة ومشهورة، ولو لم يكن منها إلا قول النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفا من القرآن فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول آلم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف . فجعل في قراءة آلم ثلاثين حسنة. وفضائل التلاوة كثيرة لا تخفى على مسلم، وفي ليالي رمضان وأيامه تشتد الهمة له، كان بعض القراء الذين أدركناهم يقرءون في كل ليلة ثلاثة أجزاء من القرآن على وجه الاجتماع؛ يجتمعون في بيت، أومسجد، أوأي مكان، فيقرءونه في كل عشرة أيام مرة، وبعضهم يقرأ القرآن ويختمه وحده.
وقد أدركت من يختم القرآن كل يوم مرة أويختم كل يومين مرة! فقد يسره الله وسهله عليهم، وأشربت به قلوبهم، وصدق الله القائل: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ وقال: فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فمن أحب أن يكون من أهل الذكر فعليه أن يكون من الذين يتلون كتاب الله حق تلاوته، ويقرأه في المسجد، ويقرأه في بيته، ويقرأه في مقر عمله، لا يغفل عن القرآن، ولا يخص شهر رمضان بذلك فقط.
فإذا قرأت القرآن فاجتهد فيه؛ كأن تختمه مثلا كل خمسة أيام، أو في كل ثلاثة أيام، والأفضل للإنسان أن يجعل له حزبا يوميا يقرأه بعد العشاء أو بعد الفجر أو بعد العصر، وهكذا لا بد أن تبقى معك آثار هذا القرآن بقية السنة ويحبب إليك كلام الله، فتجد له لذة، وحلاوة، وطلاوة، وهنا لن تمل من استماعه، كما لن تمل من تلاوته. هذه سمات وصفات المؤمن الذي يحب أن يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله تعالى وخاصته.
أما قراءة القرآن في الصلاة، فقد ذكرنا أن السلف كانوا يقرءون في الليل فرادى ومجتمعين قراءة كثيرة، فقد ذكروا أن الإمام الشافعي -رحمه الله- كان يختم في الليل ختمة، وفي النهار ختمة، في غير الصلاة؛ لأنه يقرأ في الصلاة زيادة على ذلك، وقد يستكثر بعض الناس ذلك ويستبعدونه، وأقول: إن هذا ليس ببعيد، فقد أدركت أناسا يقرؤون من أول النهار إلى أذان صلاة الجمعة أربعين جزءا في مجلس واحد، يقرأ، ثم يعود فيقرأ، يختم القرآن ثم يعود فيختم ثلث القرآن، فليس من المستبعد أن يختم الشافعي في النهار ختمة، وفي الليل ختمة، ولا يستغرب ذلك أيضا على الذين سهل القرآن في قلوبهم، وعلى ألسنتهم، فلا يستبعده إلا من لم يعرف قدر القرآن، أو لم يذق حلاوته في قلبه.
وعلى الإنسان إذا قرأ القرآن أن يتدبَّره ويعقله؛ لأن الله تعالى أمر بذلك في آيات كثيرة، كما قال تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فنحن مأمورون أن ننظر في هذا القرآن ونتدبره، والكفار كذلك مأمورون بذلك حتى يعترفوا أنه من عند الله، وأنه لو كان من عند غير الله لاختلفت أحكامه، ولاضطربت أوامره ونواهيه، فلما كان محكما متقنا ، لم يقع فيه أي مخالفة، ولا أي اضطرابات كان ذلك آية عظيمة، ومعجزة باهرة، فهذا هو القصد من هذه الآية، ولكن لا ينافي ذلك بأننا مأمورون أن نتدبر كل ما قرأنا كما أُمرنا.

line-bottom