شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح الورقات
37626 مشاهدة
الأمر بالشيء نهي عن ضده

يقول: الأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده، وإذا ذُكِرَ الضد فإن ذلك يكون للتأكيد، فإذا قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ فهذا نهي عن الشرك، أي: أَخْلِصُوا له الْعِبَادَة. وكذلك إذا قال: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كأنه قال: لا تزعموا.. ولا تعبدوا غيره. فالنهي في قوله: فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ نهي عن ضده، مع أنه اقتصر على قوله: اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وكفى، أي: أخلصوا له العبادة؛ ولكن جاء في قوله: فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا للتأكيد. ومنه قول الله تعالى في آية الحقوق العشرة: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا فأمر بعبادة الله، ثم بعد ذلك نهى عن الشرك، مع الاكتفاء، لو قال: اعبدوا الله، لكان معناه: اعبدوه وحده، ولكن أكد ذلك بقوله: وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ليدل على أنه يستدعي النهي عن ضده. كذلك قول الله تعالى: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ما ذكر هنا التوحيد، نهى عن الشرك، فالنهي عن الشرك أمر بالتوحيد. وكذلك النهي مثلا عن الزنا أمر بالتعفف، أمر بالعفاف. والأمر مثلا بالنكاح نهي عن السفاح، إذا أمر الله بالنكاح في قوله: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ و مَا طَابَ لَكُم وكذلك النهي عن القتل أمر بالإحياء، يعني: وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ يعني: كأنه قال: اتركوا المسلمين، ولا تقتلوهم ولا تقاتلوهم فإن الله حرم عليكم قتالهم. فالنهي عن الشيء أمر بضده، يعني: النهي عن الشرك أمر بالإخلاص، والأمر بالإخلاص نهي عن الشرك.