جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح الورقات
37558 مشاهدة
أقسام القياس

القياس ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
قياس العلة، وقياس الدلالة، وقياس الشبه.
عرفنا مثال العلة فإذا وجد قياس العلة ما كانت العلة فيه موجبة للحكم يعني: أن يحكم عليه، ويكثر هذا في بعض الأشياء التي ألحقوا بعضها ببعض؛ فقالوا -مثلا- إذا حلق المحرم رأسه للأذى جعلنا عليه فدية، فإذا احتاج أيضا وقلم أظفاره للأذى جعلنا عليه فدية، النص ورد في الحلق، والعلة هي: دفع الأذى. فكذلك إذا قلم لدفع الأذى العلة في هذا هي العلة في هذا فنجعل عليه فدية قياسا لهذا على هذا، وكذلك إذا تطيب فالعلة هي دفع أذى الوسخ ونحو ذلك، فنجعل عليه أيضا فدية إذا تطيب وهو محرم فالعلة وجدت في الأصل. الله تعالى جعل فيه فدية: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ عرفنا أنه لأجل الترفع فألحقنا به كل ترفع. هذا مثال للعلة ما كانت العلة فيه موجبة للحكم.
وأما قياس الدلالة هو: الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر، وهو أن تكون العلة دالة على الحكم، ولا تكون موجبة للحكم إذا كان هناك حكمان، وجد في أحدهما أو لأحدهما دليل ينجذب ذلك الدليل على الآخر الذي يشبهه، فإن الله –تعالى- لا يفرق بين متشابهين لا يفرق بينهما؛ ولأجل ذلك الأحكام التي يحكم بها على العرب تنجذب على العجم ولو كانوا متفاوتين في بعض الأشياء، فإذا أوجب الله تعالى قراءة الفاتحة على العرب الذين ينطقون بها قلنا: هؤلاء أعاجم لا يستطيعون النطق بالعربية نلزمهم بأن يتعلموها، فالدليل ورد عاما فيعم القادر ويلزم العاجز التعلم حتى لا يفرق بين متساويين، الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر أن تكون العلة دالة على الحكم كقوله: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ولا تكون موجبة له موجبة للحكم إنما تكون دالة فينتقل من هذا إلى هذا.
أما قياس الشبه يقولون هو: الفرع المتردد بين أصلين، فيلحق بأكثرهما شبها الفرع الذي لا يدرى هل نلحقه بهذا أو بهذا فننظر أقربهما فنلحقه به، كثيرا ما يحصل اختلاف كاختلافهم في علة الربا، بعضهم قال: إن الخضار والفواكه ربوية لأنها مطعومة؛ فتلحق بالبر والشعير لأنه مطعوم، وبعضهم قال: إنها ليست مدخرة فلا تلحق بهما؛ فإنه لا بد من الادخار فيلحق بأقربهما شبها.