يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
فتاوى في المسح
44768 مشاهدة
لبس الخف الأيمن قبل غسل الرجل اليسرى

السؤال:-
هل يجوز أن يلبس الخف الأيمن بعد غسل رجله اليمنى ثم يلبس الخف الأيسر بعد غسل الرجل اليسرى أو لا بد من إتمام الوضوء ثم لبسهما؟ الجواب:-
المشهور عن أحمد أنه لا يلبس الأيمن حتى تتم الطهارة بغسل الرجل اليسرى، واستدل له بقوله -صلى الله عليه وسلم- إني أدخلتهما طاهرتين وقد ذكر شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى فيه روايتين عن أحمد إحداهما: يجوز المسح وهو مذهب أبي حنيفة، والثانية: لا يجوز، وهو مذهب مالك والشافعي ؛ لأن الواجب ابتداء اللبس على الطهارة، قالوا: فعليه أن يخلع الخف الأولى ثم يدخلها بعد غسله للرجل الأخرى، واحتجوا بقوله: إني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان وهذا أدخلهما وليستا طاهرتين، والقول الأول هو الصواب بلا شك، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إني أدخلتهما وهما طاهرتان حق فإنه بين أن هذا علة لجواز المسح، فكل من أدخلهما طاهرتين فله المسح، وإلا فأي فائدة في نزع الخف ثم لبسه من غير إحداث شيء فيه منفعة؟ وهل هذا إلا عبث محض ينزه الشارع عن الأمر به؟ إلخ، وذكر الروايتين في ( المغني ) ، ( والشرح ) .
وقال عن الثانية: وهي جواز المسح؛ لأنه أحدث بعد كمال الطهارة واللبس فجاز كما لو نزع الخف الأول ثم لبسه، وكذلك الحكم في من مسح رأسه ولبس العمامة ثم غسل رجليه قياسا على الخف، ووجه الرواية الأولى ما ذكرنا من الحديثين، أي: عن المغيرة وهو يدل على وجود الطهارة فيهما جميعا وقت إدخالهما ولم يوجد ذلك وقت لبس الأولى؛ ولأن ما اعتبر له الطهارة اعتبر له جميعها كالصلاة وفارق ما إذا نزع الخف الأولى ثم لبسه؛ لأنه لبسه بعد كمال الطهارة اهـ.
وقال الشوكاني في ( النيل ) على حديث المغيرة: وقد استدل به على أن إكمال الطهارة فيهما شرط حتى لو غسل إحداهما وأدخلها الخف ثم غسل الأخرى وأدخلها الخف لم يجز المسح، صرح بذلك النووي وغيره، وأجاز الثوري والكوفيون المسح لصدق أنه أدخل كلا من رجليه الخف وهي طاهرة، وصرح ابن دقيق العيد بأنه لا يمتنع أن يعبر بهذه العبارة عن كون كل واحدة منهما أدخلت طاهرة، فقوله: أدخلتهما يقتضي تعليق الحكم بكل واحدة منها، نعم من روى: فإني أدخلتهما وهما طاهرتان قد يتمسك به هذا القائل، فإن قوله: أدخلتهما يقتضي كل واحدة منهما التقدير: أدخلت كل واحدة منهما حال طهارتها اهـ. وبه يترجح ما اختاره شيخ الإسلام وغيره من عدم اشتراط كمال الطهارة قبل اللبس، والله أعلم.