لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
فتاوى في المسح
40523 مشاهدة
لبس الخف للمسح عليه

السؤال:-
ما الحكم فيمن لبس الخف ليمسح عليه؟ الجواب:-
يكره ذلك؛ فإن الأصل هو غسل القدمين، فمن لبس خفيه لقصد سقوط الغسل لا لحاجته إليهما فقد أخطأ. ولهذا قال ابن القيم في ( زاد المعاد ) : فصل في هديه - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفين ... إلى أن قال: ولم يكن يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه، بل إن كانتا في الخف مسح عليهما ولم ينزعهما، وإن كانتا مكشوفتين غسل القدمين ولم يلبس الخف ليمسح عليه, وهذا أعدل الأقوال في مسألة الأفضل من المسح والغسل قاله شيخنا اهـ. وقال البعلي في ( الاختيارات ) : وهل المسح أفضل أم غسل الرجلين أم هما سواء؟ ثلاث روايات عن أحمد والأفضل في حق كل أحد بحسب قدميه فللابس الخف أن يمسح عليه ولا ينزع خفيه اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ولمن قدماه مكشوفتان الغسل، ولا يتحرى لبسه ليمسح عليه, وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغسل قدميه إذا كانتا مكشوفتين ويمسح إذا كان لابسَ الخفين اهـ. ونقل ذلك الشيخ ابن قاسم في ( حاشية الروض المربع ) عند قول الشارح: ولا يُسَنُّ أن يلبس خفا ونحوه ليمسح عليه كالسفر ليترخص إلخ... يعني أنه يكره للمسلم السفر لأجل أن يتمتع بِرُخَصِهِ من الفطر والقصر والجمع ونحوها إذا لم يكن له غرض في السفر سوى التمتع بالرخص، فكذا من لا حاجة به إلى لبس الخف أو الجورب وإنما قصد بلبسه سقوط غسل القدمين مع أن فرضهما الغسل، وإنما المسح على الخفين رخصة عند الحاجة، والله أعلم.