إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
فتاوى في المسح
40533 مشاهدة
شروط المسح على الجبيرة

السؤال:-
ما شروط المسح على الجبيرة؟ الجواب:-
الجبيرة هي ما يمسك العظم إذا انكسر كالذراع والساق ونحوهما، وكذا ما يوضع على جرح لشده عن ما يتألم به، وسميت جبيرة تفاؤلا بجبر الكسر، وعرفها بعضهم بقوله: هي أعواد ونحوها تربط على الكسر أو الجرح ليلتئم، وقيل: هي الخشب أو الألواح التي تربط على موضع الكسر حتى ينجبر تحتها،  واللصوق هو ما يوضع على قرحة أو جرح فوق الدواء.
ودليل جواز المسح على الجبيرة حديث جابر في الذي أصابه حجر فشجه في رأسه فاغتسل من احتلام فماتـ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده، لكن يشهد له حديث ابن عباس أن رجلا أصابه جرح ثم أصابه احتلام فاغتسل فكز فمات فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لو غسل جسده وترك رأسه حيث أصابه الجرح . ولكثرة طرقه ومخرجيه يعلم شهرة القصة وثبوتها، قال الزركشي في باب التيمم: جواز المسح على الجبيرة إجماع في الجملة، وقد دل عليه حديث صاحب الشجة، وروى البيهقي وغيره عن ابن عمر من كان به جرح معصوب عليه توضأ ومسح على العصابة ويغسل ما حول العصابة، وإن لم يكن عليه عصابة مسح ما حوله، ومن ثم قال الشافعي -رحمه الله- روي عن علي -رضي الله عنه- أنه انكسر إحدى زندي يديه فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يمسح على الجبائر، قال: ولو عرفت إسناده بالصحة لقلت به، وهذا مما أستخير الله فيه اهـ.
وحديث علي المذكور رواه ابن ماجه وعبد الرزاق والدارقطني وغيرهم، لكنه من رواية عمرو بن خالد الواسطي وهو معروف بوضع الحديث؛    وحيث إن المسح على الجبائر مجمع عليه فقد ذكر لذلك شروط في بعضها خلاف فمنها: أن يشدها على طهارة؛ لأنه مسح على حائل فاشترطت الطهارة كالخف، وقيل: لا تعتبر لها الطهارة قبل الشد، وهو الصحيح واختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية؛ لأن الكسر يقع بغتة ويبادر إلى وضع الجبيرة في الحال، فاشتراط الطهارة يفضي إلى حرج ومشقة. وقد ذكر الشيخ تقي الدين -رحمه الله تعالى- أن الجبيرة تفارق الخف من خمسة أوجه:
أحدها : أن  مسح الجبيرة واجب ومسح الخفين جائز، فإن له خلعه وغسل الرجلين.
الثاني : أن الجبيرة تمسح في الطهارة الكبرى؛ لأنه لا يمكن خلعها قبل برء الجرح، بخلاف الخفين فإنه ينزعهما للاغتسال.
الثالث : أن الجبيرة ليس لها حد ووقت تخلع فيه كالخف بل يمسح عليها إلى تمام البرء وانجبار الكسر، بخلاف الخفين فإنهما موقت مسحهما كما سبق.
الرابع : أن الجبيرة يستوعبها بالمسح كما يستوعب غسل ما تحتها إذا كان بارزا؛ فإن مسحها بدل غسل ما تحتها.
الخامس : أن الجبيرة يمسح عليها وإن شدها على حدث عند أكثر العلماء وهو الصواب، اهـ. الشرط الثاني للجبيرة: أن لا يتجاوز بها موضع الكسر تجاوزا لم تجرِ العادة به، فإن الجبيرة توضع على طرفي الصحيح لينجبر الكسر وفي معنى ذلك ما جرت به العادة من التجاوز لجرح أو ورم، فيعفى عن اليسير الذي لا بد منه وهو موضع الشد، ويكفي المسح عليه.
ثم إن المسح على الجبيرة ليس مؤقتا بل يستمر إلى حلها، ثم إذا نزعها وهو على طهارة لم يلزمه غسل ما تحتها ولا إعادة الغسل إن كانت في غير أعضاء الوضوء، فمتى سقطت سقوط برء كان بمنزلة حلق الرأس بعد مسحه، وكشط الجلد بعد الاغتسال لا يوجب غسل ما تحته، وقد فصل القول في الجبيرة شيخ الإسلام ابن تيمية في باب المسح على الخفين من ( مجموع الفتاوى ) وكذا الزركشي في باب التيمم من ( شرح الزركشي على مختصر الخرقي ) -رحمهما الله تعالى- .
وقد ذكر الزركشي عشرة فروق بين الجبيرة والخف تأتي إن شاء الله في جواب السؤال التاسع والخمسين.