جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
محاضرات في الزواج
16436 مشاهدة print word pdf
line-top
حقوق الزوجة

ذكرنا بالأمس أن الرجل يلزمه نفقة زوجته وكسوتها بالمعروف، فإذا كان كذلك فإن على الزوج أن يلتزم بذلك، يلتزم بطعامها وبكسوتها.
ذكر العلماء أن هذا يختلف باختلاف عسره ويسره؛ لقول الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ وكذلك قوله تعالى: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ فإذا تزوج وهو فقير فلا تكلفه امرأته ما لا يطيق من النفقة، ولو كانت قد تدربت على شيء من ذلك، ولا من الكسوة بل تقنع بما يناسبه، وبما يكون كافيا في حقه، أو قادرا عليه.
وأما ما يتعلق بحقوق الزوجة فلا شك أن الزوجة لها حقوق، وعليها حقوق، فلها ما ذكر الله تعالى أن عليه أن يعفها، وعليه أن يعدل بين زوجاته، وعليه أيضا أن يكسوها ويقوم بحاجاتها، عليه حقوق لها إذا كان مثلا عنده زوجتان فعليه العدل، أو ثلاث، أو أربع، العدل: أي التسوية بين الزوجات، وعدم الميل إلى إحداهن، وعدم إيثارها، ولو كانت أشب، ولو كانت أقرب له نسبا مثلا، ولو كانت ألين له جانبا عليه أن يعدل بينهن.
وكذلك أيضا عليه أن يعدل بين أولاده فلا يقدم أولاد هذه على أولاد الأخرى، وما أشبه ذلك، وإذا كره واحدة من زوجتيه فإنه لا يجوز له إضرارها بل يخلي سبيلها لقول الله تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ فيفارقها بمعروف، ولا يحبسها، ويضر بها إلا إذا رغبت البقاء معه، وأسقطت شيئا من حقها فقد قال الله تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ يعني: أن كثيرا من الأنفس تشح بحقوقها ولكن إذا رأت من الزوج شيئا من الجفاء فعليها أن تنصحه فإذا قال: أنا لا أريدك فإنها تطلب منه أن يخلي سبيلها فإن قالت: أسقطت حقي، ولا أريد قسما، ولا أريد مبيتا وإنما أبقى مع ولدي، ورضيت بذلك فإن لها ذلك، ولكن عليه أن لا يهجرها ولا يضرها، وعليه أيضا أن يعطيها حاجتها من النفقة وما أشبه ذلك.

line-bottom