إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
شرح كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد
33740 مشاهدة print word pdf
line-top
ما ورد عن ابن تيمية في تكفير المعين ودليله على ذلك


وقال أبو العباس أيضًا -في الكلام على كفر مانعي الزكاة- والصحابة لم يقولوا هل أنت مقر بوجوبها أو جاحد لها، وهذا لم يعهد عنه الخلفاء والصحابة، بل قال الصديق لعمر رضي الله عنهما: ( والله لو منعوني عقالًا ـ أو عناقًا ـ كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه )؛ فجعل المبيح للقتال مجرد المنع لا جحد الوجوب.
وقد روي أن طوائف منهم كانوا يقرون بالوجوب لكن بخلوا بها، ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم جميعهم سيرة واحدة وهي مقاتلتهم وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم، والشاهدة على قتلاهم بالنار وسموهم جميعهم أهل الردة.
وكان من أعظم فضائل الصديق -رضي الله عنه- عندهم أن ثبته الله على قتالهم، ولم يتوقف كما يتوقف غيره فناظرهم حتى رجعوا إلى قوله.
وأما قتال المقرين بنبوة مسيلمة فهؤلاء لم يقع بينهم نزاع في قتالهم. انتهى.
فتأمل كلامه -رحمه الله- في تكفير المعين والشهادة عليه إذا قتل بالنار وسبي حريمه وأولاده عند منع الزكاة، فهذا الذي ينسب عنه أعداء الدين عدم تكفير المعين.
قال -رحمه الله- بعد ذلك وكفر هؤلاء، وإدخالهم في أهل الردة قد ثبت باتفاق الصحابة المستند إلى نصوص الكتاب والسنة. انتهى كلامه.
ومن أعظم ما يحل الإشكال في مسألة التكفير والقتال عمن قصد اتباع الحق، إجماع الصحابة على قتال مانعي الزكاة، وإدخالهم في أهل الردة وسبي ذراريهم، وفعلهم فيهم ما صح عنهم، وهو أول قتال وقع في الإسلام على من ادعى أنه من المسلمين. فهذه أول وقعة وقعت في الإسلام على هذا النوع أعني المدعين للإسلام، وهي أوضح الوقعات التي وقعت من العلماء عليهم من عصـر الصحابة -رضي الله عنهم- إلى وقتنا هذا.


هذا أيضا كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وكأنه ابتلي في زمانه بمن يقول: إنهم لا يكفرون إلا إذا صرحوا بالجحد، ولا يضرهم المنع أو العمل، وهذا مع الأسف موجود في زماننا.
كثير من المتمعلمين يقولون: لا تكفروهم إلا إذا جحدوا، فلا تكفر من يترك الصلاة حتى يقول: إني جاحد لها وإنها ليست فريضة، ولا تكفروا من يدعو الأموات حتى يقول: إن دعاءهم ليس بشرك إنه توحيد، فأما إذا قال إنه شرك ودعاهم فلا يضره؛ لأنه اعترف بأنه من أهل التوحيد؛ لأنه ليس جاحدا للشرك، ولا منكرا لوقوعه، وكذلك لا تنهوا عن شيء إلا إذا كان ذلك الذي فعله جاحدا له، وأشباه ذلك.
الجواب أن نقول لهم: إن الترك يدل على الإنكار، فإذا قالوا إنه يرجع إلى ما في القلب، نقول: الذي في القلب خفي من الذي يطلعنا على ما في قلوبهم، ثم نقول: إن الذي في القلوب تظهره الأعمال؛ بمعنى أن من أنكر شيئا ظهر أثره، إن من أنكر شيئا تركه، ولو قال إني أقر به بلسانه؛ ما ينفعه، تركك له دليل على إنكارك له، وقولك: إن الصلاة فريضة الله وأنها ركن الدين وأنها عمود الإسلام، ومع ذلك تصر على تركها دليل على شكك في فرضيتها أو أشباه ذلك.
شيخ الإسلام -رحمه الله- تكلم على كفر مانعي الزكاة، ولعل هذا الكلام في كتاب الإيمان أو في غيره من الكتب يقول -رحمه الله- الصحابة لم يقولوا هل أنت مقر بوجوبها أو جاحد لها؛ لم يعهد عن الصحابة والخلفاء أنهم كانوا إذا أرادوا أن يقاتلوا مانعي الزكاة يسألونه هل أنت تقر بوجوبها، بل يقاتلونه إذا منعها، ولو كان يقر بوجوبها.
بل ذكر أن كثيرا منهم يقرون بوجوبها، ولكن يقولون لا نعطيها أبا بكر ويقولون: إنها لا تحل إلا للرسول ويستدلون بقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فيقولون: ليست صلاتك يا أبا بكر سكن لنا؛ فهي خاصة بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.
أو يقولون: نحن نتصرف فيها وندفعها لمن نعرفه فلا تأخذها منا أو نحو ذلك. ما عهد عن الخلفاء والصحابة أنهم كانوا يسألون كل جاحد هل أنت مقر بها أو جاحد لها، بل يقاتلونهم على المنع.
ولما قال عمر كيف تقاتل الناس، قد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها قال أبو بكر الزكاة من حقها الزكاة حق المال، ولو منعوني عقالا -الحبل الذي يربط به البعير- في الزكاة أو عناقا -السخلة من الغنم- كانوا يؤدونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعه.
أقره عمر وقال: فما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعلمت أنه الحق. جعل أبو بكر المبيح للقتال مجرد المنع منعوني، لم يقل جحدوا منعوني، فجعل المنع هو السبب ليس جحد الوجوب.
يقول: قد روي أن طوائف منهم كانوا يقرون بالوجوب، لكن منعوها بخلا، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأخذها منهم.
يقول: ومع هذا في سيرة خلفائهم جميعا سيرة واحدة، ما هي؟ مقاتلتهم، وسبي ذراريهم، وغنيمة أموالهم؛ قاتلوهم ومن استولوا عليه غنموا أمواله جعلوها غنيمة، وسبوا نساءهم وسبوا ذراريهم واستعبدوهم، وشهدوا على قتلاهم بالنار، لما تاب بعضهم وأسلموا ورجعوا قال لهم أبو بكر اشهدوا على قتلانا أنهم في الجنة، وقتلاكم في النار حتى نقبلكم.
وفي رواية أنه قال: تفدون قتلانا ولا نفدي قتلاكم ولكن عمر -رضي الله عنه- تساهل معهم، وقال قتلانا شهداء، ونرجو أن الله تعالى يقبلهم ولا حاجة إلى أن نقبل فديتهم أو ديتهم.
والحاصل أنهم قاتلوهم جميعا وسموهم كلهم أهل الردة، وكان قتالهم من أعظم فضائل أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- عندهم، اعترف السلف له بالفضل؛ وذلك لأنه لما قاتلهم واستمر في قتالهم ثبته الله تعالى ورجع من كان ارتد ومن كان كفر رجعوا إلى الإسلام؛ بسبب دعوته، وبسبب قتاله ثبته الله على قتالهم.
ولم يتوقف كما توقف غيره، وناظرهم حتى رجعوا إلى قوله؛ ناظر عمر لما قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا قالوا: لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم قال أليس قال: إلا بحقها؟ الزكاة من حق المال، ناظرهم حتى رجعوا إلى قوله.
وهكذا أيضا قاتل بني حنيفة الذين صدقوا بنبوة مسيلمة صدقوا بنبوته فقاتلهم؛ لأنهم جعلوا مع النبي محمد غيره، فهؤلاء ما أحد نازع في قتالهم لا عمر ولا غيره، بل قالوا: لا بد أن نقاتلهم حتى يرجعوا إلى الإسلام، ويعترفوا بأن مسيلمة كذاب، هذا كلام شيخ الإسلام -رحمه الله-.

line-bottom