إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
اللؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين
298615 مشاهدة
تقديم الغداء قبل الصلاة

السؤال: س152
         رجل لا يحضر من أعماله إلا قبيل صلاة العصر، وعندما يحضر ويطلب الغداء يكون جائعا ، ويؤدي صلاة العصر، وقد تفوته الصلاة مع الجماعة فما الحكم ؟ وما حكم من أخر وقتا من أوقات الصلاة حتى خروج وقتها ؟ ؟
الجواب:-

       في هذه الأزمنة، وفي المملكة السعودية أرى أن الجوع الشديد لا يوجد، كما كان من قبل، فلا يكون الأكل عذرا في تأخير الصلاة مع الجماعة بخلاف ما كانت عليه الحال قبل ستين عاما ، وما عليه الحال في كثير من البلاد التي تلاقي الفقر والفاقة، وقد مستهم البأساء والضراء، فقد كانوا يعملون طوال النهار في الحفر ونقل التراب، وصعود المرتفعات كالنخيل والجبال، والمشي على الأقدام خمس أوست ساعات متوالية، بدون استراحة، ففي تلك الأزمنة يشتاقون إلى الطعام، وينشغلون في الصلاة بالحديث عنه، لذلك ورد الحديث بقوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان .
فأما الآن فالغالب أن العامل يتناول الأكل أول النهار بما يسمى فطورا ، وفي العمل يجلس على كرسي ولا يزاوله إلا نادرا ، وفي الذهاب والإياب يمتطي سيارة مريحة، لا يحس مع  الركوب بتعب ولا جوع، فأرى أن عليه أن يبدأ بالصلاة مع الجماعة إن خشي أن تفوته الصلاة، فإن قدر أن اشتد به الجوع وخاف إن ذهب للصلاة أن ينشغل قلبه في صلاته، أو كان الطعام قليلا وخشي أن يأكله أهله ويبيت هو طاويا ، فله أن يؤخر الصلاة ولو فاتته الجماعة، ولا يجوز تعمد تأخير الصلاة عن وقتها أو عن جماعتها بلا عذر مسوغ، والله أعلم.