جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
53932 مشاهدة
ما يثبت به الزنا

...............................................................................


كثر هذا في هذه الأزمنة؛ يعني: فعل فاحشة الزنا؛ وذلك لأن الشرع اشترط في إقامة الحد عليه شروطا منها: الإقرار، وأن يكون ذلك الإقرار متكررا، بحيث يعترف أربع مرات، يشهد على نفسه أربع شهادات. ثم اشترطوا أيضا ألا يتراجع، أن يبقى أيضا على إقراره حتى يتم إقامة الحد عليه.
وإذا لم يكن أو لم يوجد هذا الإقرار، وإنما ثبت بالبينة فلا بد أن البينة يكونون أربعة؛ أربعة شهود؛ لقوله تعالى: فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ولا بد أن هؤلاء الأربعة يصفونه وصفا دقيقا، بأن يقولوا: رأينا ذكره في فرجها، أو رأيناه يزني بها زنا حقيقيا، وهذا قد يكون متعذرا.
ولذلك نقل شيخ الإسلام أنه لم يقم حد من بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمانه ثبت بالشهود، وذلك لما اشترطوه من هذه الشروط وتقييدنا لذلك، ولكن قالوا: إذا وجد الرجل مع المرأة في لحاف واحد، ولو تُحقق أنه يزني بها فلا يجلد الجلد الكامل، وإنما يجلد أقل من الزنا. وكذلك لا يرجمان ولو كانا ثيبين؛ لعدم التثبت والتحقق برؤية الزنا الحقيقي، ولعل ذلك كله من باب الستر على الزاني، ومن باب التحرج عن إقامة الحد بغير بينة واضحة.