الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
54056 مشاهدة
استئذان الرجل في بيته

...............................................................................


قوله تعالى: لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ كلمة غَيْرَ بُيُوتِكُمْ يفيد: أن هذا خاص ببيوت الآخرين؛ كبيوت الأقارب وبيوت الأباعد، وبيوت الأصدقاء وما أشبه ذلك. فأما بيت الإنسان نفسه فإن له أن يدخله كما يشاء؛ ومع ذلك فإن عليه أن ينبه. العادة أنه يملك بيته وأنه لا يحتاج إلى أن يطرق الباب، وأن غالبا معه من المفاتيح ما يفتح الأبواب ويدخل إلى أقصى الدار، وليس أحد يخفى عليه من الدار من بيته شيئا، ولكن ينبغي أيضا أن يتكلم وأن ينبه على وصوله وعلى دخوله.
ورد: أن رجلا قال: يا رسول الله ليس معي في بيتي إلا أمي، وأنا الذي أفتح وأدخل، فهل علي أن أتكلم قبل الدخول؟ قال: نعم. قال: إنها أمي! كيف أتكلم وهي ليست إلا أمي وليست تحتجب عني؟! فقال -صلى الله عليه وسلم- أتحب أن تراها عريانة؟ قال: لا، قال: فتكلم؛ يعني ولو كانت أمك، ولو كانت ابنتك، ولو كان فيه بناتك أو أخواتك أو محارمك؛ فقد تكون إحداهن متكشفة تكشفا لا تحب أن أحدا يدخل عليها فجأة في تلك الحال؛ فلذلك يتكلم من يريد أن يدخل، وينبه من أمامه من النساء ونحوهم.
فإذا دخل مثلا بسكون وسكوت فقد يقال: إنه يلتمس العثرات أو ينظر في الفجوات أو يتخلل الغفلات، فمثل هذا قد يرى ما يسوءه؛ فلأجل ذلك عليه أن يتكلم؛ فقد يرى امرأته على شيء لا تحب أن يراها عليه: إما مثلا عريانة أو عليها لباس لا يرغبه أو مظهرها.. يدوية لا تحب أن يطلع عليها أحد، وكذلك لو كانت أمه أو أخته أو نحوهم، فكل ذلك الذي يتحين الغفلات؛ قد يرى ما يسوءه؛ فيسبب ذلك كراهية ونفرة من امرأته مثلا وبغضا وكراهية يحصل بسبب ذلك.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المسافر أن يأتي أهله بغتة؛ فإنه قد يرى أن امرأته التي هي زوجته على حالة منفرة؛ لذلك قال: لا تدخلوا حتى تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة فكذلك دخول الإنسان فجأة على أهله دون أن يتكلم. أما إذا تكلم فإنه يأذنون له عادة ويعرفونه.