إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق
51014 مشاهدة print word pdf
line-top
فمن اعتقد أن مدد الرسول انقطع لانتقاله إلى الرفيق الأعلى، فقد أساء الأدب مع الرسول، والجواب عن ذلك

ثم قال الكاتب في السطر السادس عشر: فمن اعتقد أن مدد الرسول انقطع لانتقاله إلى الرفيق الأعلى فقد أساء الأدب مع الرسول، ويُخشى عليه الموت على الكفر والعياذ بالله تعالى.


جوابه: أن يناقش عن مدد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حياته وبعد مماته، فإن أراد بمدده دلالته على الخير وإرشاده للأمة وإيضاحه للحق والهدى وتبليغه لما أرسل به، وبيانه لعلوم الشريعة أكمل بيان؛ فهذا لم ينقطع بموته فإن الأمة لا تزال تستضيء بأنوار هدايته، وتسير على النهج الذي رسمه لها، وتستمد من سنته ما يوضح لها طرق الهدى؛ فمن صد عن سنته وأعرض عنها فهو أضل من حمار أهله.
أما إن أراد بمدد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فوائد اتباعه، وآثار الاقتداء بسنته، وبركات العمل بشريعته؛ فهذا أيضا لم ينقطع بموته. فنحن نعتقد أن من سار على نهجه، واقتفى طريقه؛ حصلت له البركات، وأمده الله بفضله وعطائه، وانتفع في هذه الحياة بنتائج هذا الاتباع كسائر الأعمال الصالحة؛ فإن العمل الصالح سبب في كثرة الخير، وحلول البركة، وسعة الرزق، وطيب الحياة، ورغد العيش، والنصر على الأعداء، وحصول العلم والفهم، والفتح من الله والإلهام، والتوفيق لعمل الصالحات والحفظ عن المنكرات.
لكن لا يضاف المدد إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلا حيث إنه ببركة اتباعه، وإلا فالله هو الذي يمد العاملين، ويعطيهم ويتفضل عليهم؛ لأنه تعالى مالك الملك، وبيده النفع والضر، والعطاء والمنع، والخفض والرفع.
فإن أراد هذا الكاتب بمدد الرسول إعطاءه لمن سأله، ونصره لمن استنصر به، وإجابته لمن دعاه ونحو ذلك، فمثل هذا لا يملكه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا في حياته ولا بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، بل هو إلى الله تعالى كما قدمنا بعض الأدلة على ذلك، كقوله تعالى: قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا وقوله: قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وقوله -صلى الله عليه وسلم- لأقاربه: أنقذوا أنفسكم من النار لا أغني عنكم من الله شيئا وقوله في حديث الغلول: لا أغني عنك من الله شيئا قد أبلغتك .
فإذا كان لا يملك جنس هذا المدد في حياته، فهكذا لا يملكه بعد مماته، بل لا يملكه أحد من خلق الله، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، فضلا عن غيرهما، فمن اعتقد أنه -صلى الله عليه وسلم- يمد من سأله، ويعطي من طلبه، وينفع من دعاه مع الله؛ فقد جعله لله ندا، وصرف له خالص حق الله، وهذا النوع من الإمداد هو مراد هذا الكاتب وأضرابه.
وغاب عنهم أن الصحابة ومن بعدهم من أئمة المسلمين لم يعتقدوا هذا الاعتقاد، ولم يفعلوا معه ما يدل عليه، فلو كانوا يعتقدون فيه هذا النوع لتهافتوا إلى قبره يطلبون منه المدد والإعطاء، فكم نزلت بهم من مصيبة وكم وقعت من فتنة كوقعة الحرة ونحوها، وكم سلط عليهم الأعداء، ولم يحفظ أنهم جاءوا إلى القبر مستنصرين، ولا فزعوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلين: المدد يا رسول الله، ولو كان هذا اعتقادهم لتوافدوا إلى قبره أفواجا وأقبلوا إليه من كل حدب وصوب زرافات ووحدانا.
فلما لم يفعلوا عرف أن هذا الاعتقاد إنما هو من بدع المتأخرين؛ حيث أوقعهم الشيطان في ذلك الاعتقاد السيئ ونتائجه الشركية، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ولقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يطلبون منه الدعاء في حياته بالغيث وإنزال المطر ورفع العذاب، وبالمغفرة والجنة وبسعة الرزق وطيب الحياة، فيدعو الله لهم ويجيب الله دعاءه؛ لكرامته عليه ولفضله وشرفه، وليكون ذلك من جملة معجزاته، فأما بعد موته فلم يطلبوا منه شيئا من ذلك أبدا.
بل لما قحطوا عام الرمادة توسلوا بعمه العباس -رضي الله عنه- ؛ لشرفه وكبر سنه وقرابته من النبي -صلى الله عليه وسلم- فطلبوا من الله أن يجيب دعاءه لهم؛ لأنه حي موجود بينهم، ولم يتوسلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم عرفوا عدم جواز ذلك، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

line-bottom