قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق
50571 مشاهدة print word pdf
line-top
ومن قال كذلك صارت أحواله كلها بالله، وجوابه


ثم قال الكاتب: ومن قال كذلك صارت أحواله كلها بالله ولله أمرنا باتباعه.


جوابه أن يقال: كيف تكون أحوال الصوفي كلها بالله ولله مع أنه بشر يخطئ ويصيب ويرتكب الذنوب، وهو محل النقص والتقصير في أداء حقوق ربه وفي شكر نعمه: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن أفضل هذه الأمة -بعد نبيها- أبو بكر الصديق -رضى الله عنه- ومع ذلك فقد علّمه النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول في صلاته: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت إلخ. فإذا كان صديق الأمة -رضي الله عنه- يعترف بأنه قد ظلم نفسه ظلما كثيرا، فكيف يكون المتصوف معصوما وأحواله كلها بالله ولله؟
ونحن لا ننكر أن الله تعالى قد يوفق بعض أحبابه لتكون حركاته بالله، كما في الحديث القدسي عند البخاري عن أبي هريرة وفيه: فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به فإن معنى ذلك تسديده في أقواله وأفعاله، ولكنا لا نستطيع الجزم لشخص بعينه بأن أحواله كلها بالله ولله كما ذكر هذا الكاتب.
فأما قوله: أمرنا باتباعه فغير صحيح؛ فإن أغلب الصوفية سيما المتأخرين لهم شطحات خاطئة لا يجوز شرعا اتباعهم فيها، فقد ظهر بُعدهم فيها عن الصواب، ولهم أيضا طرق وأحوال مبتدعة، كالسماع والرقص والخلوة الطويلة والبعد عن العلم والعلماء، والاستغناء عن الوحي بالأوهام وحديث النفس الذي يخيل إليهم أنه وحي إلهام، فكيف يسوغ اتباعهم في هذه البدع ونحوها؟ وبأي نص أمرنا بذلك؟ مع العلم بأن الاتباع إنما يجب للرسول -صلى الله عليه وسلم- لأنه المبلغ عن الله، وقد ورد الأمر بذلك كما في قوله تعالى: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ .
وإنما يطاع ويتبع المخلوق متى وافق أمر الله ورسوله؛ فيكون اتباعه خاصا بما بلغه مما تحمله عن الله ورسوله، فالطواعية والاتباع في الحقيقة لله ورسوله، فمتى خالف المخلوق -مهما كانت مرتبته- صريح الكتاب والسنة وجب طرح قوله والرجوع إلى شرع الله، كما في قوله تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ .

line-bottom