شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق
54020 مشاهدة print word pdf
line-top
الوهابية هم شر البرية، وجوابه

ثم قال الكاتب: الوهابية هم شر البرية، نظروا إلى حضرة الرسول نظرة احتقار كنظرة إبليس لآدم -عليه السلام- حيث إنهم جردوه من كل مزاياه التي خصه الله بها من محبة ومنزلة وكرامة ووجاهة، وقالوا: إن المتوسل بالرسول -صلى الله عليه وسلم- كالمستشفع بالصنم سواء بسواء، لا فرق عندهم بين سيد البشر والحجر ... إلخ.


جوابه أن نقول: سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ فأئمة الدعوة السلفية هم أولى الناس برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينظرون إليه نظرة إكبار واحترام، فلا يصح عندهم الإيمان إلا بالشهادة له بالرسالة والنبوة، ويرون بطلان الصلاة بدون هذه الشهادة، ويعلنونها في الأذان وفي الخطب وفي الجمع والأعياد وفي مؤلفاتهم، ويرون أن محبته مقدمة على النفس والأهل والمال والولد والناس أجمعين، وأن من آثار محبته حب سنته واتباعه والتأسي به، وأنه الواسطة بين الأمة وبين الله، فإنه الذي دعا إلى توحيد الله وعبادته، وهدى الله الأمة على يديه، وأوجب الله على الأمة طاعته وقرنها بطاعة الله في أكثر من أربعين موضعا وأمرنا باتباعه، وعلق عليه الاهتداء ومحبة الله ومغفرته.
فهو أمينه على وحيه، وخيرته من خلقه وسفيره بينه وبين عباده، أمر الله الأمة أن يتقبلوا كل ما بلغه عن ربهم ويقنعوا بحكمه ويرضوا ويسلموا له تسليما، وأمرهم باحترامه في حياته بقوله: لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ ومدح الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله، ونهاهم عن دعائه باسمه العلم بقوله: لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا وأمر بتوقيره بقوله: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ .
فأئمة الدعوة -الذين سماهم هذا الكاتب وهابية- يعترفون للرسول -صلى الله عليه وسلم- بهذه الحقوق وهذه الأوصاف ونحوها، ولكنهم لا يعطونه شيئا من حق الله كالدعاء والخوف والرجاء والتوكل والاستعانة والإنابة والتعظيم، والركوع والسجود ونحوها؛ فكلها حقوق لله تعالى لا يصلح صرفها لغيره لا لملك مقرب ولا نبي مرسل وأحب أن أنقل هنا أبياتا في تفصيل حق الله وحق رسوله -صلى الله عليه وسلم- من نونية ابن القيم قال رحمه الله تعالى:
للــه حــق لا يكــون لغيــره ولعبـــده حــق همــا حقـــان
لا تجـعلــوا الحـقين حقـا واحدا مــن غــير تميـيــز ولا فرقـان
فــالحج للرحــمن دون رســوله وكــذا الصــلاة وذبح ذي القربـان
وكــذا الســجود ونذرنـا ويميننـا وكـذا عتــاب العبـد مــن عصيان
وكــذا التـوكل والإنـابـة والتقـى وكــذا الرجـاء وخشـيـة الرحـمن
وكـــذا العبـادة واستعانتنــا به إيـــاك نعبـــد ذاك توحـــيدان
وكــذلك التسبيـح والتكبيـر والتـ هليــل حــق إلهنـــا الديـــان
لكنمـــا التعزيـر والتوقير حــق للرســـول بمقتضـــى القــرآن
والحـب والإيمـــان والتصـديق لا يخــتص بـل حقــان مشــتركان
هــذي تفــاصيل الحـقوق ثلاثـة لا تجهلــوهـا يـا أولـي العـدوان
حــق الإلــه عبـادة بـالأمــر لا بهـوى النفــوس فـذاك للشـيطان
ورســوله فهو المطـاع وقـوله الـ مقبــول إذ هـو صـاحب البرهـان
وهــو المقـدم في محبتنا علـى الـ أهـليـــن والأزواج والولـــدان

وانظر شرح هذه الأبيات في شرح قصيدة الإمام ابن القيم 2\348 للشيخ أحمد بن عيسى رحمه الله.
فأئمة الدعوة الذين اقتدوا بالسلف الصالح والأئمة يحبون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من كل قلوبهم، ويعتقدون أن له عند الله الكرامة والرفعة والمنزلة العالية والوجاهة والقرب من الله، ولكن مع هذه الخصائص لا يصح أن يصرف له شيء من حق الله تعالى، ولا يتوسل بذاته ولا بذات غيره من الخلق، وإنما يتوسل بمحبته واتباعه وتصديقه.
ولقد كذب هذا الكاتب في أنهم جعلوا المتوسل به كالمتوسل بالصنم، وأنه لا فرق عندهم بين سيد البشر والحجر. نعوذ بالله من البهت والزور والفجور، وهكذا زعمه أنهم نظروا إليه نظرة احتقار كنظرة إبليس لآدم فكيف احتقروه وهم يشهدون له بالرسالة ووجوب الطاعة، ويرون أن الطرق مسدودة إلا من طريقه، وأن من قدم حكم غيره على حكمه فقد ضل سواء السبيل، فأين الاحتقار الذي زعمه هذا الكاتب؟ فليس من لازم محبته ووجاهته دعاؤه مع الله أو الاستغاثة به دون الله، فالله تعالى يقول: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله رواه أحمد والترمذي عن ابن عباس .
فهذا الكاتب وأمثاله عندهم أن من تمام محبته واعتقاد وجاهته أن يعظم كتعظيم الله، فيحلف به دون الله، مع قوله -صلى الله عليه وسلم- من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك أو يصرف له شيء من حق الله، أو يعتقد في ذاته الشريفة أنه يملك الضر والنفع، أو يعلم الغيب أو نحو ذلك؛ فليس هذا من لوازم الإيمان برسالته، ولا من علامات محبته، وإنما هو من الغلو الذي نهى عنه بقوله -صلى الله عليه وسلم- وإياكم والغلو في الدين وبقوله: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله .

line-bottom