(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق
51015 مشاهدة print word pdf
line-top
فمن اتخذ إمامه النجدي... كانت آخرته هباب، والجواب عن ذلك

ثم قال الكاتب في السطر الثاني من الصفحة الأخيرة: فمن اتخذ إمامه النجدي ابن عبد الوهاب كانت آخرته هباب؛ لأنه استحل دماء المسلمين وأموالهم بشبه واهية لا تبرر موقفه من الله، قام بحروب دامية ذهب ضحيتها أرواح طاهرة ... إلخ.


أقول: لقد أخطأ هذا الكاتب، فالشيح محمد -رحمه الله- هو إمام وقدوة في تجديد التوحيد، وعلم يُهتدى به في هذا الباب، فتح الله على قلبه ونور بصيرته فتفطن لما فيه الناس -في زمانه- من الانهماك في الشرور والتقرب إلى أرباب القبور؛ فدعاهم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له وحده، وحذرهم من كل ما ينافي التوحيد أو ينافي كماله أو يقدح فيه، أو يوقع في الشرك أو يجر إليه، فهدى الله على يديه من أراد بهم خيرا وعاقبة حسنة. فأما من أصر وعاند واستمر على ذلك الشرك المنافي لدين الرسل، فإنه أمر بقتاله بعد إقامة الحجة عليه، وبعد إيضاح الدليل؛ لأنه حين بقي على ذلك الشرك المبطل للعبادات والموجب للخلود في النار حل بذلك دمه وما له كسائر المشركين.
وقد بين -رحمه الله- في مؤلفاته أن ما وقع فيه أهل زمانه هو عين شرك الأولين؛ يخلصون في الشدة، فيدعون الله وحده وينسون ما يشركون، أما مشركو زمن الشيخ -رحمه الله- فشركهم دائم في الرخاء والشدة، ولهم من الوقائع والحكايات في ذلك الشيء الكثير؛ مع أن الشيخ -رحمه الله- ما أتى بشيء من قبل نفسه، بل جدد للناس ما اندرس من أعلام الدين.
فأخرجه الله في وقت قد اشتدت فيه غربة الإسلام واستحكمت فيه ظلمات الجهالة والهدى، فبين للناس ما خلقوا له وأمروا به؛ فأطاعه واتبعه من وفقهم الله وأراد بهم خيرا، وأيده الله بأمراء هذه الدولة الميمونة وهم آل سعود -رحمهم الله- فقاموا بنصرة التوحيد، وجاهدوا في الله حق جهاده، وقمع الله بهم كل مشرك ومعاند، حتى ظهر الحق وتجلى، وشهد بأحقيته القاصي والداني.
وألفت في سيرة هذا الإمام المؤلفات، وكتب عنه علماء من أقاصي البلاد وهم لم يروه ولم يعاصروه، وإنما نقلت إليهم أخباره ومؤلفاته؛ فبنوا عليها أنه صالح مصلح وأن كل ما رمي به من التكفير ونحوه لا أصل له، بل هو مما ولّده عليه أعداؤه الذين شرقوا بالحق، وصعب عليهم الانفطام عن تلك المألوفات، أو خافوا باتباعه حرمانهم من المناصب أو المصالح الدنيوية، أمثال أحمد بن زيني دحلان وعلوي الحداد وداود بن جرجيس ويوسف النبهاني وجميل صدقي الزهاوي ونحوهم.
· وقد رد عليهم أئمة الدعوة ومن وافقهم، وأوضحوا في الردود أن غالب ما سطروه كذب وبهتان عظيم، فهذا الكاتب ونحوه قد راجت عنده مؤلفات أولئك المضللين ولم يقرأ الردود عليها، وإلا لعرف وهاء تلك الحكايات التي تنسب إلى هذا الإمام، وعرف أحقية ما دعا إليه، وعرف أن أتباعه هم أهل النجاة إن شاء الله أينما كانوا؛ فهم أهل الحياة الطيبة في الدنيا وأهل السعادة والفوز في الآخرة بفضل الله ورحمته.
وعرف أنه لم يستحل دماء المسلمين، ولم يكفِّر الناس كما يذكر عنه خصومه، وإنما كفَّر المشركين الذين قد صرفوا جل عبادتهم لغير الله، وقد أيّد ما قاله بالأدلة الواضحة والبراهين الساطعة، من الآيات والأحاديث التي تنص على ضلال من يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وتنص على أن أولئك المدعوين لا يسمعون دعاءهم، ولو سمعوا ما استجابوا لداعيهم، ويوم القيامة يكفرون بشرك من أشركهم مع الله .
فكيف تكون تلك النصوص -التي سبق ذكر بعضها- شبها واهية لا تبرر موقفه من الله، وأي دليل أوضح من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي أثبتها الشيخ -رحمه الله- في كتاب التوحيد الذي قد طبع وانتشر، وقرأه القاصي والداني والمحب والمبغض والعدو والصديق، ولم يُقل إن أحدا رد عليه أو تعقبه، أو قال إن تلك النصوص التي ضمنها هذا الكتاب وغيره شبهات واهية، كما يستلزمه قول هذا الكاتب.
ثم إنه -كما سبق- ما أذن في القتال إلا بعد أن أقام الحجة وأزال المعذرة، ودحض الشبه التي تشبث بها من تعلق على المخلوقين والأولياء، فالذين قتلوا في الحروب التي وقعت بينه وبين خصومه: إما شهداء قتلوا في سبيل الله والذب عن توحيده ونصر دينه، وإما أشقياء يقاتلون في سبيل الطاغوت ويناضلون عن الشرك، فأرواحهم دنسة ملطخة بالكفر والنفاق والشرك والشقاق، ففي قتلهم إراحة للمسلمين وتمكين لهذا الدين.

line-bottom