عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق
38372 مشاهدة
فمن اتخذ إمامه النجدي... كانت آخرته هباب، والجواب عن ذلك

ثم قال الكاتب في السطر الثاني من الصفحة الأخيرة: فمن اتخذ إمامه النجدي ابن عبد الوهاب كانت آخرته هباب؛ لأنه استحل دماء المسلمين وأموالهم بشبه واهية لا تبرر موقفه من الله، قام بحروب دامية ذهب ضحيتها أرواح طاهرة ... إلخ.


أقول: لقد أخطأ هذا الكاتب، فالشيح محمد -رحمه الله- هو إمام وقدوة في تجديد التوحيد، وعلم يُهتدى به في هذا الباب، فتح الله على قلبه ونور بصيرته فتفطن لما فيه الناس -في زمانه- من الانهماك في الشرور والتقرب إلى أرباب القبور؛ فدعاهم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له وحده، وحذرهم من كل ما ينافي التوحيد أو ينافي كماله أو يقدح فيه، أو يوقع في الشرك أو يجر إليه، فهدى الله على يديه من أراد بهم خيرا وعاقبة حسنة. فأما من أصر وعاند واستمر على ذلك الشرك المنافي لدين الرسل، فإنه أمر بقتاله بعد إقامة الحجة عليه، وبعد إيضاح الدليل؛ لأنه حين بقي على ذلك الشرك المبطل للعبادات والموجب للخلود في النار حل بذلك دمه وما له كسائر المشركين.
وقد بين -رحمه الله- في مؤلفاته أن ما وقع فيه أهل زمانه هو عين شرك الأولين؛ يخلصون في الشدة، فيدعون الله وحده وينسون ما يشركون، أما مشركو زمن الشيخ -رحمه الله- فشركهم دائم في الرخاء والشدة، ولهم من الوقائع والحكايات في ذلك الشيء الكثير؛ مع أن الشيخ -رحمه الله- ما أتى بشيء من قبل نفسه، بل جدد للناس ما اندرس من أعلام الدين.
فأخرجه الله في وقت قد اشتدت فيه غربة الإسلام واستحكمت فيه ظلمات الجهالة والهدى، فبين للناس ما خلقوا له وأمروا به؛ فأطاعه واتبعه من وفقهم الله وأراد بهم خيرا، وأيده الله بأمراء هذه الدولة الميمونة وهم آل سعود -رحمهم الله- فقاموا بنصرة التوحيد، وجاهدوا في الله حق جهاده، وقمع الله بهم كل مشرك ومعاند، حتى ظهر الحق وتجلى، وشهد بأحقيته القاصي والداني.
وألفت في سيرة هذا الإمام المؤلفات، وكتب عنه علماء من أقاصي البلاد وهم لم يروه ولم يعاصروه، وإنما نقلت إليهم أخباره ومؤلفاته؛ فبنوا عليها أنه صالح مصلح وأن كل ما رمي به من التكفير ونحوه لا أصل له، بل هو مما ولّده عليه أعداؤه الذين شرقوا بالحق، وصعب عليهم الانفطام عن تلك المألوفات، أو خافوا باتباعه حرمانهم من المناصب أو المصالح الدنيوية، أمثال أحمد بن زيني دحلان وعلوي الحداد وداود بن جرجيس ويوسف النبهاني وجميل صدقي الزهاوي ونحوهم.
· وقد رد عليهم أئمة الدعوة ومن وافقهم، وأوضحوا في الردود أن غالب ما سطروه كذب وبهتان عظيم، فهذا الكاتب ونحوه قد راجت عنده مؤلفات أولئك المضللين ولم يقرأ الردود عليها، وإلا لعرف وهاء تلك الحكايات التي تنسب إلى هذا الإمام، وعرف أحقية ما دعا إليه، وعرف أن أتباعه هم أهل النجاة إن شاء الله أينما كانوا؛ فهم أهل الحياة الطيبة في الدنيا وأهل السعادة والفوز في الآخرة بفضل الله ورحمته.
وعرف أنه لم يستحل دماء المسلمين، ولم يكفِّر الناس كما يذكر عنه خصومه، وإنما كفَّر المشركين الذين قد صرفوا جل عبادتهم لغير الله، وقد أيّد ما قاله بالأدلة الواضحة والبراهين الساطعة، من الآيات والأحاديث التي تنص على ضلال من يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وتنص على أن أولئك المدعوين لا يسمعون دعاءهم، ولو سمعوا ما استجابوا لداعيهم، ويوم القيامة يكفرون بشرك من أشركهم مع الله .
فكيف تكون تلك النصوص -التي سبق ذكر بعضها- شبها واهية لا تبرر موقفه من الله، وأي دليل أوضح من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي أثبتها الشيخ -رحمه الله- في كتاب التوحيد الذي قد طبع وانتشر، وقرأه القاصي والداني والمحب والمبغض والعدو والصديق، ولم يُقل إن أحدا رد عليه أو تعقبه، أو قال إن تلك النصوص التي ضمنها هذا الكتاب وغيره شبهات واهية، كما يستلزمه قول هذا الكاتب.
ثم إنه -كما سبق- ما أذن في القتال إلا بعد أن أقام الحجة وأزال المعذرة، ودحض الشبه التي تشبث بها من تعلق على المخلوقين والأولياء، فالذين قتلوا في الحروب التي وقعت بينه وبين خصومه: إما شهداء قتلوا في سبيل الله والذب عن توحيده ونصر دينه، وإما أشقياء يقاتلون في سبيل الطاغوت ويناضلون عن الشرك، فأرواحهم دنسة ملطخة بالكفر والنفاق والشرك والشقاق، ففي قتلهم إراحة للمسلمين وتمكين لهذا الدين.