اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
أخبار الآحاد
54110 مشاهدة
زيادة الثقة

2- زيادة الثقة ويراد بها أن يروي جماعة من الثقات حديثا عن شيخ، وينفرد أحدهم فيه بزيادة لا تخالف رواية الباقين، ومثاله ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين . فإن مالكا تفرد بزيادة: من المسلمين. دون بقية من رواه عن نافع

وهكذا لو انفرد الثقة بوصل الإسناد أو رفع الموقوف ونحو ذلك. ومثاله ما رواه مالك قال: بلغنا أن أبا هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للمملوك طعامه وكسوته هكذا في الموطأ معضلا . وقد رواه إبراهيم بن طهمان والنعمان بن عبد السلام عن مالك عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة فتقبل زيادتهما لثقتهما، وإن كان رواة الموطأ أكثر عددا .
والصحيح عند المحدثين قبول زيادة الثقة مطلقا ، فإنها بمنزلة الحديث المستقل، وتفرد الثقة بالحديث مقبول، وفرق بعضهم بين ما إذا اتحد المجلس أو تعدد، فتقبل في الثاني، أما الأول ففيها تفصيل.          
والأرجح قبولها، فإن من ذكرها مثبت ، ومن تركها لم ينقل عنه نفي ولا إثبات؛ ثم إنه محتمل أنه لم ير موجبا لذكرها، فاقتصر على محل الشاهد وأنه نسيها، أو لم يتقن حفظها، أو قام قبل التحديث بها، أو دخل بعد أن فاته بعض الحديث أو نحو ذلك.