الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
أخبار الآحاد
53975 مشاهدة
مناقشة من يقول لو أفاد خبر الواحد العلم لما تعارض خبران

6- ومنها قولهم لو أفاد خبر الواحد العلم لما تعارض خبران ونحن نرى الكثير من الأخبار تتعارض، فإن قيل بإفادة الجميع العلم حصل اجتماع الضدين وهو محال، وإن قيل بإفادة أحدهما كان ترجيحا بلا مرجح. .
     وهذا يحقق أن أحدهما لا بعينه كذب ، فيوجب التوقف في كل خبر.
     فيقال: إن هذا مجرد فرض لما لا يمكن وقوعه، كما لا يحصل ذلك بين متواترين، ولا بين خبرين تحتف بكل منهما القرائن المنفصلة.
      ثم إذا حصل العلم اليقيني بالخبر فلا بد من خطأ كل خبر يعارضه المعارضة التامة.
     ثم إن ما يوجد من الحديث الصحيح ظاهره التعارض يمكن حمل كل من المتعارضين على وجه صحيح.
 ولقد تكفل العلماء بالسنة بالجمع بين الأحاديث التي ظاهرها التناقض، فخرجوا كل حديث على معنى محتمل، كما فعل ابن قتيبة في ( تأويل مختلف الحديث ) وكذا ابن القيم وشيخه ابن تيمية في مؤلفاتهما .
     وقد ذكرنا في المقدمة الجمع بين النهي عن كتابة الحديث بقوله: لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن مع الإذن فيها بقوله: اكتبوا لأبي شاة ونحوه وما لا يمكن الجمع بينهما حمل على التوسعة، وجواز الأمرين، كصفات صلاة الخوف ، وألفاظ التشهد، أو على الخصوص كإذنه صلى الله عليه وسلم لامرأة أبي حذيفة أن ترضع سالما مولاهم، وهو رجل، لتصير أما له في المحرمية، مع قوله: إنما الرضاعة من المجاعة .
       وقد يحمل على أن المتقدم من الحديثين منسوخ عند معرفة المتأخر كحديث: الماء من الماء مع حديث: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل المتأخر عن الأول.
     وما لا يمكن تخريجه على شيء من ذلك يحمل على خطأ بعض الرواة، لمخالفته رواية الأكثرين، وهو ما يسمى شاذا ، وقد سبق ذكره، وذلك كما روي في صلاة الكسوف بأكثر من ركوعين في كل ركعة ونحوه عند بعضهم.