القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
أخبار الآحاد
76097 مشاهدة print word pdf
line-top
مناقشة من يقول يجب حسن الظن بالراوي من غير جزم

3- ومنها قولهم: إنما يجب حسن الظن بالراوي من غير جزم لأن الله يقول في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء ولقوله تعالى: إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ولم يقل: كل الظن. فيقال: هذا مما لا صلة له بما نحن فيه.
     أما ظن العبد بربه وأمره بإحسان الظن. فذلك فيما يعامله به من الجزاء في الدارين، ولا شك أن الله قد حجب عن العبد ما هو فاعل به في دار الجزاء، فأمر بأن يحسن الظن بربه، ليحمله ذلك على الرجاء الذي يستلزم الجد في الطاعة، ليتحقق ما ظنه به .
      أما قوله تعالى: إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ فسياق الآية في ظن المسلم بأخيه أنه اغتابه أو حسده، أو رام له شرا ، ونحو ذلك مما ينقله الوشاة لقصد إثارة العداوة والبغضاء، مع أن أكثره لا صحة له، ولكنه قد يسبب سوء الظن من المسلم بأخيه، فأمر المؤمنون بتجنب كثير من هذا الظن الذي يثير الشحناء والتقاطع بين المسلمين. وليس في الآية أمر ببعض الظن أصلا .

line-bottom