من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
أخبار الآحاد
53930 مشاهدة
الخبر المرسل

1- الخبر المرسل وهو عند أهل الحديث ما رفعه التابعي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وعند الأصوليين يعم ما رفعه من دون التابعي، والأول هو المشهور في كتب الحديث والأحكام، ولا خلاف في رد ما أرسله من دون التابعين.
أما ما أرسله الثقة من التابعين فقد اختلف في قبوله، فاحتج به مالك وأبو حنيفة وأصحابه، وقيل : إن أول من صرح برده الإمام الشافعي وعلل ذلك بالجهالة بحال المحذوف بعد التابعي، فإنه يحتمل أن يكون تابعيا آخر ويكون ضعيفا ، وعلى تقدير أنه ثقة فقد يروي عن تابعي ثالث ويكون غير ثقة، وبهذا الاحتمال توقف الشافعي وغيره في قبوله حتى يتقوى بغيره.
  وقد قبل الشافعي مراسيل سعيد بن المسيب وعلل بأنها تُتبعت فوجدت مسانيد، وصرح بقبول مراسيل كبار التابعين الذين لا يروون إلا عن ثقات، بأن يكون أحدهم إذا سمى لم يسم إلا ثقة.
 وكذا إذا ورد المرسل من جهة أخرى مسندا أو مرسلا عن ثقات غير رواة الأول، أو تقوى بقول بعض الصحابة، أو بفتوى أكثر العلماء، فإن هذه الأمور مما يتقوى بها فيقبل، وأما من احتج به من الأئمة فقال: إن التابعي عدل في نفسه، وقد جزم بالحديث مرفوعا ، مع علمه بتحريم الكذب في الحديث، فجزمه دليل تأكده من صحته.

وبالغ بعضهم حتى فضله على المتصل، وقال: إن من أسند فقد أحالك، ومن أرسل فقد تكفل لك.
ولكن قد عرف أن بعض من يروي الحديث يذكره لتقوية حجته، أو لقطع خصمه، ونحو ذلك مما يحمله على التساهل في الجزم، وقد يثق ممن حدثه ويكون غير ثقة، وكثيرا ما يروي المحدث عن شيخ له، فإذا سئل عنه توقف في تعديله وقد يجرحه. ثم إن هذا الخلاف إنما هو بالنسبة لمراسيل غير الصحابة، فأما الصحابة فاتفق الأئمة على قبول مراسيلهم، لأنهم إنما يروون عن ثقة، وكثيرا ما يروي بعضهم عن بعض وكلهم عدول.
ويندر أن يروي الصحابي عن أحد من التابعين، والنادر لا اعتبار به، وخالف في ذلك ابن حزم وأبو حامد الإسفراييني وغيرهما، والصحيح الأول.