الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
أخبار الآحاد
49342 مشاهدة
مستند من قال إن الآحاد لا تفيد إلا الظن

     تتابع الأصوليون غالبا في مؤلفاتهم على اختيار أن خبر الواحد لا يفيد العلم ولو بقرينة، وإنما يجوز العمل به وإن كان ظني الثبوت، لجواز العمل بما يفيد الظن.
     وأعتقد أن عدم حصول العلم لهم من هذه الأخبار بسبب أن جل اشتغالهم بعلم الكلام ونحوه، وهم في الجملة بمعزل عن علم الحديث وطرقه ورجاله.
     وقد انخدع بكثرتهم وتهافتهم على هذا القول كثير من أهل الحديث المتأخرين، كما فعل النووي في التقريب وشرح مقدمة مسلم وكذا ابن الأثير في مقدمة جامع الأصول الذي نقل عبارة الغزالي بالحرف.
     ومن العجيب تأويل الغزالي لقول من ذهب إلى أنها تفيد العلم بأحد أمرين: 1- أنهم أرادوا إفادتها للعلم بوجوب العمل .
2- أن العلم بمعنى الظن .
      ثم  حكى أن بعضهم فسَّره بالعلم الظاهر، لقوله تعالى : فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ ورد هذا التفسير.
     وكأنه لما استحكم في قلبه كونها ظنية اعتقد ذلك حجة مسلمة من كل ذي عقل، واستبعد أن يخالفه فيها أحد.
     ولما كان هذا القول مشهورا عن السلف أراد أن يصرفه عن ظاهره، حتى لا يبقى عالم معتبر يخالف ما قاله، فأوله إما بجعل العلم مرادا به غير ما نحن فيه ، وأنه العلم بوجوب قبول هذه الأخبار، والعمل بما تتضمنه، وإما بأن العلم مراد به الظن الذي يقول به جمهورهم.
     ويتضح أنه لم يقرأ عبارات المحدثين والأئمة في تصريحهم بالعلم اليقيني ، واستدلالهم عليه بما هو معلوم من الأدلة الشرعية والعقلية كما تقدم ، مما لا يحتملها التأويل الذي قاله ، ولا أنهم أرادوا العلم الظاهر ، كما نقله ورده، ولهذا لما نقل ابن الهمام في التحرير تأويله الأول رده بتصريح ابن الصلاح بالقطع بمروي الشيخين فأما قول الآمدي أن فيهم من قال يفيد العلم بمعنى الظن، واستدلوا بقوله تعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ أي ظنتموهن، فهذا قول لا حقيقة له ، وإن وجد من يقوله ، فلا فرق بينه وبين قول الأكثرين منهم، بأنه لا يفيد العلم اليقيني مطلقا ، فإنهم لم ينفوا إفادته للظن.
     وقد علمت أن هذا أحد التأويلين اللذين سلكهما الغزالي في صرف القول الأول عن ظاهره، ولو كان يعلمه قولا لأحد لحكاه، ولم يجعله احتمالا ، وعلمت أيضا أن الغزالي ذكر الآية في دليل من قال: المراد العلم الظاهر، لا العلم بمعنى الظن، ولما كان أهل الأصول قد وضعوا لهم قواعد كلية، حكموا بموجبها على كل خبر بحكم موافق لتلك القواعد التي لم يكن مستندهم فيها إلا أدلة عقلية، بزعمهم يقينية، وهي وهمية، جعلوها مطردة، فحكموا لأجلها بأن مفاد أخبار الآحاد الظن، ثم إنهم تناقضوا بعد ذلك بإيجابهم العمل بها، لما رأوا أدلة وجوب العمل متواترة، وقبول السلف لها مشهورا ، ورأوا هذا مطردا بين المسلمين سلفا وخلفا ، فلم يجدوا بدا من القول بأنها توجب العمل، مما هو هدم لقواعدهم من الأساس.