عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
أخبار الآحاد
64526 مشاهدة print word pdf
line-top
القرائن المتصلة

     ثم إن القرائن تنقسم إلى : متصلة، ومنفصلة.
أولا القرائن المتصلة:
   فيراد بها أحوال الراوي أو المروي أو السامع:
(أ) أما أحوال الرواة : فمثل كونهم من أهل الصدق والأمانة إلى آخر الشروط ، ومثل توافق العدد على نقل حديث واحد ، أو توارد راويين على سياق متقارب ، مع اختلاف الآراء، وتباعد الديار، مما يعلم به أنهما لم يتواطآ عليه ، ويبعد في العادة اتفاقهما على الكذب فهذه ونحوها قرائن تحصل العلم اليقيني بخبرهم (ب) أما أحوال المروي: فإن كلام النبي صلى الله عليه وسلم عليه من النور والبهاء والقوة في الأسلوب ما يعرفه به المتبصر في الدِّين.
 وكذا موافقته لما تهدف إليه الشريعة وكذا تأيده بالنصوص الأخرى بمعناه كل هذه قرائن توجب العلم القطعي به فلا يلتبس بالكذب والباطل على كل ذي عقل وفهم صحيح، فإن على الحق نورا يبصره ذو البصيرة السليمة الذي يفرق بين الخبر الصادق والكاذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يفرق بين الليل والنهار.
(جـ) أما أحوال السامع: فإن من كان من أهل الحديث المشتغلين بالسنة، والعالمين بمقاصد الشرع، وبأحوال الرجال كانت معرفته بالحديث أتم، وتمييزه بين الصادق والكاذب أقوى، بخلاف المعرضين عن ذلك الذين لا اشتغال لهم بعلم الحديث، وليس لهم خبرة بأحوال نقلته، فإنهم بمعزل عن معرفة الصحيح منه والسقيم، فلا يتأثرون بالقرائن ولا يفرقون بين الأخبار كما هو مشاهد.
وقد يدخل في القرائن المتصلة تلقي الأمة للخبر بالقبول، وعملهم بموجبه أو اشتغالهم بتأويله، كما تقبلوا أحاديث الصحيحين في الجملة، وغيرهما مما ثبت كونه من الدِّين، بإطباق جمهور الأمة على العمل بما تضمنته.
قال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة : والخبر المتحف بالقرائن أنواع: 1- منها ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما، مما لم يبلغ حد التواتر، فإنه احتفت به قرائن . (أ) منها جلالتهما في هذا الشأن.
(ب) وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما.
(جـ) وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول.
   وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن حد التواتر.
إلا أن هذا يختص بما لم ينتقده أحد من الحفاظ مما في الكتابين .
وبما لم يقع التجاذب بين مدلوليه، حيث لا ترجيح لاستحالة أن يفيد المتناقضان العلم، من غير ترجيح لأحدهما على الآخر.
 وما عدا ذلك فالإجماع حاصل على تسليم صحته.
وممن صرح بإفادة ما أخرجه الشيخان العلم النظري الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني ومن أئمة الحديث أبو عبد الله الحميدي وأبو الفضل بن طاهر .
2- ومنها المشهور إذا كان له طرق متباينة، سالمة من ضعف الرواة والعلل. وممن صرح بإفادته العلم النظري الأستاذ أبو منصور البغدادي والأستاذ أبو بكر بن فورك وغيرهما.
3- ومنها المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين، حيث لا يكون غريبا ، كالحديث الذي يرويه أحمد بن حنبل مثلا ويشاركه فيه غيره ، عن الشافعي ويشاركه فيه غيره ، عن مالك بن أنس فإنه يفيد العلم عند سامعه بالاستدلال من جهة جلالة رواته، وأن فيهم من الصفات اللائقة الموجبة للقبول ما يقوم مقام العدد الكثير من غيرهم. ولا يتشكك من له أدنى ممارسة بالعلم وأخبار الناس أن مالكا مثلا لو شافهه بخبر أنه صادق فيه، فإذا انضاف إليه من هو في تلك الدرجة أزداد قوة وبعدا عما يخشى عليه من السهو. انتهى .
  وعلى أن المراد بالقرائن هذا النوع يتلاقى هذا القول مع القول الأول ، وهو أنه يفيد العلم، فإن الأولين لم يكونوا يقطعون بكل خبر سمعوه، ولا بكل ما قيل إنه حديث.
كيف وقد اشتهر تقسيمهم الأحاديث إلى صحيح وحسن وضعيف ؛ وحكمهم على كثير مما يسمى حديثا بأنه موضوع مكذوب ، مع أنه خبر منقول بسند ورجال مسمين غالبا .
وسبق ذكر ما اشترطوه في قبول خبر الواحد، وإفادته العلم من كون رواته ثقاتٍ عدولا ... إلخ.
مما يدل على أن من لم يستوف تلك الصفات لا يقبل خبره ، ولا يفيد العلم، وإن أفاد الظن الغالب أحيانا .

line-bottom