أخبار الآحاد
الدليل الثالث إجماع الأمة على قبول خبر الآحاد
النوع الثالث إجماع سلف الأمة على قبول أخبار الآحاد : رأس>
وقد نقل عن الصحابة والتابعين من الآثار الدالة على اكتفائهم بخبر الواحد ما لا يحصى إلا بكلفة، فنشير إلى طرف من ذلك. 1- ففي الصحيحين عن ابن عمر اسم> قال : رسم> بينما الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت فقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة متن_ح> رسم> .
وقد رويت هذه القصة عن البراء اسم> وأنس اسم> وابن عباس اسم> وعمارة بن أوس اسم> وعمرو بن عوف اسم> وسعد بن أبي وقاص اسم> وسهل بن سعد اسم> وعثمان بن حنيف اسم> ومن طرق كثيرة .
فانظر كيف اعتمدوا خبر هذا الشخص، وتحولوا عن قبلة كانت متحققة الثبوت عندهم، ولا شك أن قد اطلع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولم ينقل أنه أنكر عليهم.
2- وفي الصحيحين أيضا عن أنس اسم> قال : رسم> كنت أسقي أبا طلحة وأبا عبيدة، وأبي بن كعب شرابا من فضيخ ، فجاءهم آت ، فقال: إن الخمر قد حرمت. فقال أبو طلحة: قم يا أنس إلى هذه الجرار فاكسرها متن_ح> رسم> فقد أقدموا على إتلاف مال محترم، تصديقا لذلك المخبر، وهم من أهل القدم في الإسلام، ولم يقولوا: نبقى على حلها حتى يتواتر الخبر، أو نلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم. مع قربهم منه، ولم ينقل أنه أنكر عليهم عدم التثبت.
3- وعن أبي موسى اسم> في قصة دخول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الحائط وقوله: رسم> لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجاء أبو بكر فقلت: على رسلك حتى أستأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبت فاستأذنت له فقال: (أذن له وبشره بالجنة) ثم جاء عمر ثم عثمان فكان شأنهما كذلك متن_ح> رسم> متفق عليه مطولا حديث> .
فقد اعتمد هؤلاء الصحابة الأجلاء خبر أبي موسى اسم> وحده في الإذن.
4- ومثله حديث عمر اسم> الطويل المتفق عليه رسم> لما احتجر النبي - صلى الله عليه وسلم - في مشربة له، فجاء عمر فقال للغلام: استأذن لعمر. فأذن له فدخل رسم> . فقد قبل عمر اسم> خبر هذا الغلام وحده، مع أن الله نهى عن دخول بيوت النبي صلى الله عليه وسلم إلا بإذن.
5- وفي حديث عمر اسم> المذكور أنه كان له جار من الأنصار، يتناوب معه النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا غاب أحدهما أتاه الآخر بما حدث وتجدد من الوحي والأخبار، وهو ظاهر في أن كلا منهما يعتمد نقل صاحبه.
6-
وروى أحمد اسم> وأبو داود اسم> وابن ماجه اسم> والترمذي اسم> وصححه رسم> أن عمر رضي الله عنه كان يجعل الدية للعاقلة، ولا يورث الزوجة منها حتى أخبره الضحاك بن سفيان أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من ديته، فرجع إليه عمر رسم> .
7- وروى أحمد اسم> أيضا وأبو داود اسم> وابن ماجه اسم> وغيرهم، عن ابن عباس اسم> رسم> أن عمر قال: أذكر الله امرأ سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في الجنين شيئا ، فقام حمل بن مالك فقال: كنت بين جارتين لي، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح، فألقت جنينا ميتا ، فقضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغرة، فقال عمر: لو لم نسمع به لقضينا بغيره متن_ح> رسم> .
8- وهكذا رجع عمر اسم> بالناس حين خرج إلى الشام اسم> فبلغه أن الوباء قد وقع بها، لما أخبره عبد الرحمن بن عوف اسم> أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم> إذا سمعتم به ببلدة فلا تقدموا عليه متن_ح> رسم> متفق عليه حديث> .
9- وقبل خبر عبد الرحمن اسم> أيضا في أخذ الجزية من مجوس هجر، بعد أن قال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم ! رواه البخاري اسم> وأحمد اسم> والدارمي اسم> وأبو داود اسم> والترمذي اسم> وغيرهم .
10- وروى البخاري اسم> أيضا ، وأحمد اسم> وغيرهما ، عن ابن عمر اسم> رسم> أن سعدا حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يمسح على الخفين ، وأن ابن عمر اسم> سأل عن ذلك عمر اسم> فقال: نعم إذا حدثك سعد اسم> عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فلا تسأل عنه غيره رسم> .
11- وروى أحمد اسم> والشافعي اسم> ومالك اسم> وأهل السنن وغيرهم حديث الفريعة بنت مالك اسم> وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: رسم> امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله. قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا، قالت: فلما كان عثمان اسم> أرسل إلي يسألني عن ذلك، فأخبرته فاتبعه وقضى به متن_ح> رسم> .
فقد قبل عثمان اسم> رضي الله عنه خبر هذه المرأة وقضى به بين الصحابة.
12- وكذا قبل زيد بن ثابت اسم> خبر أم سليم بنت ملحان اسم> في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها وهي حائض أن تنفر وتدع طواف الوداع، بعد ما اختلف مع ابن عباس اسم> في ذلك، والخبر رواه الشافعي اسم> وأحمد اسم> والبيهقي اسم> وغيرهم .
13- وكذا رجع كثير من الصحابة إلى خبر عائشة اسم> في الاغتسال من التقاء الختانين، وقد كانوا لا يرونه. متفق عليه .
14- وثبت عن ابن عمر اسم> أنه قال : كنا نخابر ولا نرى بذلك بأسا ، حتى زعم رافع اسم> أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها، فتركناها من أجل ذلك .
فانظر كيف اعتمد خبر رافع اسم> وحده، وترك ما كان يعتقده مباحا ، تقديما لما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
15- ورجع ابن عباس اسم> إلى خبر أبي سعيد اسم> في تحريم ربا الفضل، وقد اشتهر عنه القول بإباحته .
16- وهكذا عمر بن عبد العزيز اسم> لما حكم على مخلد بن خفاف اسم> أن يرد غلة ذلك العبد الذي ظهر فيه على عيب، فأخبره عروة اسم> عن عائشة اسم> أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن رسم> الخراج بالضمان متن_ح> رسم> فنقض حكمه، وقدم الحديث المرفوع، وإن كان خبر واحد . وبالجملة فعمل الصحابة والتابعين بخبر الواحد لا يمكن إنكاره بل إنهم يشنعون على من رده، ويغلظون عليه في الإنكار.
ولم ينقل أن أحدا منهم قال : إن هذا خبر واحد يمكن عليه الخطأ، فلا تقوم به الحجة حتى يتواتر، ولو قال أحد منهم ذلك لنقل إلينا.
ولا يظن أنهم قبلوها لما احتف بها من القرائن ، أو ألحقوا تلك الوقائع بغيرها على طريق القياس، أو نحو ذلك من التقديرات التي لا دليل عليها، فإنه يمكن تقدير ذلك في دلالات القرآن، والأخبار المتواترة، وذلك فيه إبطال لجميع الأدلة الشرعية.
ولو كان اعتمادهم على غير هذه الأخبار فقط، أو عليها معها لنقل إلينا. بل إن مما يبطل هذه الاحتمالات تصريح بعضهم بأن اعتماده لم يكن إلا على النص كما قال عمر اسم> لو لم نسمع هذا لقضينا بغيره.
مسألة>