تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
أسماء الله وصفاته
25890 مشاهدة
علم الله تعالى محيط بكل شيء

في حديث موسى عليه السلام لما ذهب إلى الخضر وطلب منه أن يعلمه وقال: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ذكر أنهما لما ركبا في السفينة جاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر من البحر نقرة أو نقرتين؛ فقال الخضر يا موسى ما نقص علمي وعلمك وعلم جميع الخلق من علم الله تعالى إلا كما أخذ هذا العصفور من هذا البحر.
ما مقدار النقرة التي أخذها العصفور من هذا البحر؟ أي: هكذا نسبة علم المخلوقين كلهم إلى علم الله تعالى، فإن الله هو العليم بكل شيء من متقدم الأمور ومتأخرها، يراقب خلقه ويعلم أحوالهم، قال الله تعالى: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ذكر العلماء أن علم الله تعالى علم عام، وهو الذي كتبه في اللوح المحفوظ، وإذا كان قد كتب كل شيء في اللوح المحفوظ فهذا علم عام لكل ما في الوجود، وعلم خاص وهو علمه بأحوال كل إنسان من حين يولد إلى أن يموت، عالم بأحواله وبجميع حركاته. هذا بالنسبة إلى كل شخص؛ أن ربنا سبحانه علم أن هذا سيعمل كذا وكذا من أسباب السعادة أو من أسباب الشقاوة؛ فيكون هذا النوع داخلا في العلم العام، وهو علمه بأحوال كل عبد من حين يولد إلى أن يتوفى، لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خلق الإنسان قال: يبعث إليه ملك فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد يكتب رزقه أنه سيرزق كذا وسيعمل كذا وسيشتغل في كذا وكذا وما أشبه ذلك، ويكتب أيضا عمله أعني: أعماله التي يعملها من طاعات ومعاص، ويكتب أجله أي: مدة حياته، ويكتب شقاوته أو سعادته؛ مع أن ذلك مكتوب في الأزل، وعالم به الرب تعالى، ولا يتخلف شيء عن ما علِمه تعالى، ولا يمكن أن يعمل أحد على خلاف ما علم الله منه؛ حيث إنه علم ما الخلق عاملون كلهم، فهذا أثر هذه الصفة التي هي العلم.