أسماء الله وصفاته
أهل السنة يثبتون أن الله تعالى متكلم
ننتقل إلى صفة الكلام وهي أيضا صفة كمال، وهذه الصفات الثلاث، ذكرنا: أن الأشاعرة أثبتوها، وقالوا : إن الحي إذا أثبتت له الحياة فلا بد أن يكون سميعا أو ضده بصيرا أو ضده متكلما أو ضده .
فالأشاعرة أثبتوا صفة الكلام، وأثبتوا أن القرآن كلام الله؛ ولكن لم يثبتوه حقيقة -لم يثبتوا الكلام حقيقة كما أثبته أهل السنة- المعتزلة يصرحون بأن الله لا يتكلم، ويصرحون بأن الكلام كلام الله الذي هو القرآن هو مخلوق، الأشاعرة يقولون: إن الله يتكلم؛ ولكن ينفون الكلام الحقيقي، وكذلك أيضا يثبتون أو يقولون: إن كلام الله هو المعنى ليس اللفظ، وينكرون أن الله يتكلم بكلام مسموع.
أهل السنة يثبتون أن الله تعالى متكلم، ويتكلم إذا شاء، ولهم أدلة على ذلك، أدلة جلية ظاهرة، فمن الأدلة ما ذكر الله تعالى: أنه كلم موسى اسم> وهذا نص في قول الله تعالى: رسم> وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا قرآن> رسم> أكده بقوله: تكليما يدل على أنه سمع كلام الله، ثقلت هذه الآية على المعتزلة، ذكر أن أحدهم جاء إلى أبي عمرو القاري اسم> أحد القراء السبعة من أهل العراق اسم> فقال: أريدك أن تقرأها بلفظ وكلم الله َ موسى اسم> تكليما، يريد بذلك أن موسى اسم> هو المكلِّم ليس الله أي أن موسى اسم> كلم الله .
ولكن أبا عمرو اسم> رحمه الله خصمه فقال: هب أني قرأتها كذلك، أو أنك قرأتها أنت كذلك، فكيف تصنع في قول الله تعالى في سورة الأعراف: رسم> وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قرآن> رسم> فبهت ذلك المعتزلي، حيث إن هذه الآية لا يمكن تصحيفها، لا يمكن أن يحرفها تحريفا لفظيا، وهي صريحة بأن ربه هو المكلِّم رسم> وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قرآن> رسم> كذلك خصه الله تعالى بلفظ الكلام، في قوله تعالى: رسم> إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي قرآن> رسم> وإنه صريح في أنه خصه بكلامه الذي سمعه منه إليه.
وقد ذكر شيخ الإسلام أن المعتزلة حرفوا قوله رسم> وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى قرآن> رسم> فقالوا: إن التكليم هنا هو التجريح أي: جرحه بأظافير الحكمة ؛ لأن الكلم هو: الجرح، في الحديث رسم> ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمي رسم> فهذا حملهم عليه إنكار هذه الصفة، جرحه لا شك أن التجريح يعتبر عذابا، والله تعالى أكرم من أن يعذب نبيه وكليمه موسى اسم> ثم يرد عليه بالآية التي ذكرنا رسم> إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي قرآن> رسم> فإنه صريح، ولم يقل: بتكليمي أو بتجريحي، وبكلامي، ثم يرد عليهم بآيات النداء، وبآيات المناجاة في حق موسى اسم> في عدة مواضع مثل قوله تعالى: رسم> وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا قرآن> رسم> النداء لا يكون إلا بكلام مسموع، أنت إذا قلت: ناديت فلانا، معناه صوتت له حتى سمع نداءك، فالله تعالى نادى موسى اسم> في المنظومة الشيبانية يقول:
على الطـور نـاداه وأسمعـه الندا | .................................... |
ناداه وأسمعه النداء، والنداء لا يكون إلا بكلام ومثله قوله تعالى: رسم> وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ قرآن> رسم> ناداه، ومثله قوله تعالى: رسم> هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى قرآن> رسم> النداء: لا يكون إلا بالكلام، وكذلك أيضا أثبت الله أنه ينادي في قصة الأبوين رسم> وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ قرآن> رسم> النداء: لا يكون إلا بكلام مسموع، وفي الآخرة يقول الله تعالى: رسم> وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ قرآن> رسم> في سورة القصص في ثلاثة مواضع رسم> وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ قرآن> رسم> رسم> وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ قرآن> رسم> الندا لا يكون إلا بكلام تعرفه العرب يقول شاعرهم:
فقلـت ادعـي وأدعـو إن أنــدى | لصــوت أن ينــادي داعيــان |
ينادي داعيان، أثبت أنه صوت، وكذلك ورد في الحديث رسم> أن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا آدم اسم> فيقول: لبيك ربنا وسعديك؛ فينادي بصوت، إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار متن_ح> رسم> فأثبت أنه ينادي وأنه بصوت، وكذلك قوله في آية مريم رسم> وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا قرآن> رسم> والنجي: هو الذي يكلم كلاما خفيا، فدل على أنه ناداه، وأنه ناجاه بكلام سمعه موسى اسم> لا شك أن هذا دليل واضح على إثبات صفة الكلام، وقد أخبر الله تعالى بأنه متكلم، وأن كلامه لا يحيط به أحد فقول الله تعالى: رسم> وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ قرآن> رسم> يريد : أنها كملت عن أن يلحقها نقص أو يلحقها عيب أو وصمة أو خلل؛ بل كلمات الله تعالى كلام تام يعني: أنه منزه عن الخلل وعن العيب الذي يكون في كلام الإنسان، أي: في جنس كلام الناس، كذلك قوله تعالى: رسم> وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ قرآن> رسم> يعني: تكلم وأخبر بأنه يملأ جهنم من الجنة والناس، أي: أنه لا بد أن يتم ما قاله وما تكلم به، كذلك أيضا أخبر تعالى بأن كلامه لا يحيط به محيط، في قوله تعالى: رسم> وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ قرآن> رسم> وكذلك قوله: رسم> قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا قرآن> رسم> أي: لو أن جميع أشجار الأرض من أول الدنيا إلى آخرها كانت أقلاما، وأن البحار الدنيوية ومثلها معها سبعة أبحر كانت مدادا يكتب به، فكتب بتلك الأقلام، وكتب بذلك المداد لتكسرت الأقلام ولنفد ذلك المداد قبل أن تنفد كلمات الله، وذلك لأنه ليس لها نهاية ليس لها بداية ولا نهاية والمخلوقات لها بداية ونهاية، البحر له بداية ونهاية، مع أنا لو شاهدنا بحار الدنيا، لعرفنا عمقها ولاستبعدنا أنها تنفد، ولكن أخبر الله تعالى بأن كلامه لا يحيط به محيط، وليس له نهاية، دليل على إثبات كلام الله تعالى يثبت الله تعالى لنفسه القول في القرآن. يكثر قال الله كقوله تعالى: رسم> إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ قرآن> رسم> ثم رسم> قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ قرآن> رسم> رسم> وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قرآن> رسم> إلى قوله : رسم> قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ قرآن> رسم> وجاء أيضا بلفظ المضارع كقوله رسم> وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ قرآن> رسم> وجاء بلفظ المصدر كقوله تعالى: رسم> وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا قرآن> رسم> وجاء بلفظ الحديث رسم> وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا قرآن> رسم> .
مسألة>