إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق
59466 مشاهدة print word pdf
line-top
حتى أشرقت على قلبه شمس المعارف، وجوابه


ثم قال الكاتب: حتى أشرقت على قلبه شمس المعارف الربانية؛ فأصبح القلب ينبوعا من ينابيع الأنوار والأسرار والحكم الربانية.. إلخ.


نقول: هذا غير صحيح؛ فإن ذلك يستلزم تفوقه على الرسل والملائكة، واستغناءه عن الشريعة وعلومها، فإن الينبوع هو الماء النابع من الأرض، فمعنى ذلك أن شمس المعارف الربانية والعلوم الدينية قد أشرقت على قلوب الصوفية وسطعت فيها؛ فاستنارت بها، فأصبح ينبوعا للأنوار والأسرار؛ يعنى معدنا تنبع منه الأنوار الإلهية، وتنفجر منه عيون الحكمة، وتتوارد عليه الأسرار والحكم الربانية؛ فتغنيه عن العلوم الشرعية.
ونحن لا ننكر أن الله تعالى قد يفتح على بعض العباد أفهاما وحكما وأسرارا في كتابه أو شرعه، كما في قوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ؛ حيث جعل التقوى سببا للتعليم، فالله تعالى قد يرزق بعض عباده الأتقياء والصالحين علوما وأفهاما وأسرارا في كتابه أو في شرعه، ولكنها مستنبطة من القرآن والحديث، ومن الحكم العامة التي لأجلها شرعت الشرائع وتنوعت الأوامر والأحكام، ولا تصل إلى الوصف الذي يذكره الكاتب من إشراق شمس المعارف... إلخ.
فإنه -مع ما فيه من المبالغة والإطراء- غير صحيح؛ فإن القلب البشري لا يتصور أن يصبح ينبوعا من ينابيع الأسرار والأنوار والحكم الربانية ؛ وذلك لقصر الإنسان عن هذا الوصف مهما فتح عليه من العلوم والمعارف، مع أن هذا الوصف ليس خاصا بالمتصوفة، بل هناك علماء الأمة وعبادها الذين قاموا بحقوق ربهم، ووقفوا عند حدوده، وعبدوه حق عبادته؛ قد فتح الله على قلوبهم من الفهم والإدراك والحفظ والاستنباط الشيء الكثير، كما حصل للأئمة الأربعة وللمحدثين والفقهاء من صدر هذه الأمة، وهم مع ذلك لم ينقطعوا عن الشهوات والملذات، ولم يدخلوا في عداد الصوفية، ولا توغلوا في إشاراتهم ورموزهم، بل هم متقيدون بنصوص الشريعة وبتعاليم ربهم، ومتبعون لسنة نبيهم -صلى الله عليه وسلم- وذلك هو الفضل العظيم.

line-bottom