القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
لقاءات في دور القوات المسلحة والحرس الوطني
32738 مشاهدة print word pdf
line-top
الوصية بشكر نعم الله تعالى والتحذير من كفرها

فمن شكر نعمة الله، واعترف بأنها فضله، وأنها لا تدل على شرف، ولكن تدل على الابتلاء والاختبار، فأدى حق نعمة الله تعالى، أدى حق الله تعالى، وشكر نعمته، فإن ربنا سبحانه سيزيده من فضله، قال الله تعال: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ فأخبر بأن مَنْ شَكَرَ الله فإنه سبحانه يزيده مما أعطاه من خير الدنيا والآخرة ، يزيده من الخير الذي هو السَّعَة في الرزق، والذي هو الصحة في البدن، والذي هو إكثار المال والولد، والذي هو الحياة السعيدة المطمئنة.
وأَمَّا إذا كفر نعمة الله، فإنه حَرِيٌّ أن يُسْلَبَهَا أَحْوَجَ ما كان إليها ، كما وقع ذلك لكثير من الذين كفروا نعمة الله، كما حكى الله، ذكر الله عن قوم هود الذين هم عاد أَنَّ الله مَدَّ لهم، ووسع لهم، وزادهم في الخلق بَسْطَةً، ومَكَّنَ لهم كما في قوله تعالى: أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فماذا أغنت عنهم قوتهم؟!! لما أنه هددهم بالعذاب قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً في نظرهم أنه لا أحد يغلبهم؛ لأن الله زادهم في الخلق بسطة، ولأن الله أعطاهم قوة، فظنوا أن قوتهم مانعتهم: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فأخذهم الله تعالى، وأرسل عليهم ريحا، مجرد ريح ! ولكنها ريح شديدة: تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ فهؤلاء الذين تكبروا، وتجبروا، أمرهم يسير! لا يُقَاوِمُون أدنى قوة من قوة الله تعالى، فنخشى أن يكون ما نحن فيه استدراجا، كما جاء ذلك في حديث: إذا رأيت الله يُعْطِي العبد وهو مقيم على معاصيه فاعلم أنه استدراج يعني قول الله تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ يعني: يُمْلِي لهم، وجاء في الحديث: إن الله لَيُمْلِي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْهُ. وقرأ قول الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ .
فعلى هذا نوصيكم أيها الإخوة بشكر نعمة الله تعالى، وبإحسان عبادته، بعبادته وحده، وبالاعتراف بنعمته وفضله، والاعتراف بأنكم إذا شكرتم الله فإنه سيزيدكم من فضله، وأنَّ شُكْرَهُ هو عبادة. أمر أو أوصى النبي صلى الله عليه معاذا أن يقول في دُبُرِ كل صلاة: اللهم أَعِنِّي على ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عبادتك هكذا أخبر، أَعِنِّي، يعني: قَوِّنِي على شُكْرِكَ، وقَوِّنِي على ذكرك، وعلى حُسْنِ عبادتك، أي: أنَّ من أعانه الله تعالى فإنه يكون من الشاكرين، وأما مَنْ وَكَلَهُ إلى نفسه فإنه قد يكون من الكافرين، يعني: الكافرين لنعم الله، والمنكرين لها.

line-bottom