إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
لقاءات في دور القوات المسلحة والحرس الوطني
23280 مشاهدة
طرق الشيطان في إضلال العبيد

وقد ذكر العلماء كابن الْقَيِّم رحمه الله في أول كتابه: مدارج السالكين أن للشيطان سبع عقبات يدعو إليها الناس ، إذا عجز عن عقبة انتقل إلى ما بعدها.
العقبة الأولى: أن يدعوهم إلى الكفر، والشرك، والخروج من الإسلام.
فإذا أعجزه بعضهم دعاه إلى العقبة الثانية: التي هي البدع والْمُحْدَثَات في الدين، البدع الاعتقادية، والبدع العملية.
فَمَنْ أعجزه أن يستجيب له دعاه إلى العقبة الثالثة: وهي كبائر الذنوب، المعاصي التي تَوَعَّدَ الله عليها بغضب، أو بعذاب، فيستجيب له خَلْقٌ.
ومن عَجِزَ عنه في هذه العقبة دعاه إلى العقبة الرابعة: ألا وهي الصغائر، والإصرار عليها، والتهاون بها؛ فإنها بالإصرار عليها تكون من الكبائر.
ومَنْ أَعْجَزَهُ عن هذه العقبة دعاه إلى العقبة الخامسة: وهي الانهماك في المباحات التي تشغل عن المنافسة في الطاعات، فإذا انهمكوا في الشهوات، وتوسعوا في المباحات، ولو كانت من المباح الذي لا ثواب فيه ولا عقاب، ولكن يُفَوِّتهم به الكثير من المنافسة والأعمال الصالحة.
فإذا أعجزه بعضهم عن أن ينهمك فيه دعاه إلى العقبة السادسة: وهي أن يَصُدَّهُمْ عن فضائل الأعمال، عن الأعمال الراجحة، ويشغلهم بالأعمال المرجوحة التي الثواب والأجر فيها أَقَلُّ، فيشغلهم بما هو مفضول عن الفاضل.
وإذا عجز عن بعضهم في هذه، ما بقي إلا العقبة السابعة: التي ما سلم منها أحد.. لو سلم منها أحد لسلم منها أنبياء الله ورسله، وهي: أن يُسَلِّطَ عليهم أولياءه الذين أطاعوه وساروا على مسلكه، فيسلطهم على المتمسكين، وعلى المتعبدين، فيرمونهم بالعداوة، وكذلك يحرصون على التنقص لهم، وعيبهم، وثلبهم، وإيذائهم بكل ما يقدرون عليه. وهذا شأن أولئك الذين استجابوا له في العقبات الست، لا بد أنهم ينكرون على مَنْ لَمْ يَسْتَجِبْ له، وأنهم يظهرون له المقت والتحقير والتصغير من شأنه.