جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
لقاءات في دور القوات المسلحة والحرس الوطني
38610 مشاهدة print word pdf
line-top
جزاء السخرية بالمؤمنين في الآخرة

وكذلك ذكر الله تعالى من عمل الكفار أنهم يضحكون من المؤمنين ومن أهل الخير والإيمان، قال الله تعالى أو ذكر الله أن أهل النار في النار يصرخون يقولون: رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ يعني أن أهل النار في النار يطلبون الخروج يقولون: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ فقال الله لهم: اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ وبخهم بأنه كان فريق من المؤمنين في الدنيا يدعون الله يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا أي تسخرون منهم، وتضحكون منهم، وتهزئون منهم إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ فهكذا ذكر الله تعالى هذا النوع من الكفر، وذكر عقوبة أهله.
فنقول: حذار أيها المسلم أن تهزأ بأهل الخير أو تتنقص أهل الدين أو تضحك منهم أو تعيبهم، وقد كثر الذين -والعياذ بالله- يعيبون أهل الخير ويسخرون منهم.
يعيبون أهل الدين من جهلهم بهم
كما عابت الكفار من جاء من مضر
يقولون رجـعيون لما تمسـكوا
بنـص مـن الوحيين كان له الأثر
إذا رأوا الذي يتعبد قالوا: هذا رجعي. أو قالوا: هذا متخلف، أو هذا متأخر، أو ما أشبه ذلك. ما عيبه إلا أنه يحافظ على العبادة، وأنه يواظب على الصلاة، وأنه يعمل بالسنة، فيسخرون منه ويعيبونه بسبب تمسكه.
كان بعضهم إذا أُمر بالصلاة يقول لمن يأمره: ما نفعتك صلاتك. أو يقول: ما أغنتك صلاتك، أنت الآن بحاجة وأنت فقير. هذا استهزاء بهذه العبادة التي هي الصلاة -والعياذ بالله- فيكون ذلك كفرًا مخرجًا من الملة؛ لأنه أنكر أن الصلاة تفيد، وأنكر -والعياذ بالله- أنها سبب في الخير وفي نفع أهله، فذلك بلا شك دليل على أنه يعيب الدين ويهزأ بأهله.
وكذلك عيب السنة والتنقص لأهلها، الذين مثلًا إذا رأوا من يصلي يهزأون به، فيقول أحدهم إذا أمرته بالصلاة يقول: أنت بالنيابة وكلتك تصلي عني. أو يقول: صل عني ركعتين. أو نحو ذلك، كأنه سخر من الصلاة التي هي هذه العبادة العظيمة، وظن أنها لا تفيد أهلها، لا شك أن هذا يعتبر سخرية بما أمر الله تعالى به.

line-bottom