إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
لقاءات في دور القوات المسلحة والحرس الوطني
23279 مشاهدة
الاستفادة من نعم الله في طاعته

فنقول: إنَّ هذه نِعَمُ الله تعالى علينا؛ يجب علينا أن نتعلم؛ فنتعلم بالسمع؛ نستمع إلى الفوائد والنصائح والخطب، وكل ما طريقه السمع في أشرطة، أو في إذاعة إسلامية، أو غَيْرِها حتى نتعلم.
وكذا نستعمل العقول في التَّفَهُّمِ؛ كل كلام نسمعه نَعْرِضُه على عقولنا، ونتفهم فيه ونتعقله حتى نستفيد مما نسمعه، بخلاف ما إذا سمعنا، ولكن لم نتفقه؛ كالذين قال الله عنهم: فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا وكذلك أيضا نقرأ ونكتب ونتعلم بما نراه، ونستعمل الأبصار فيما خُلِقَتْ له، وكذلك أيضا نسأل؛ نسأل ونستفصل: نستفصل عما أشكل علينا.
خَصَّ الله الإنسان بالكلام ؛ بالنطق، فالبهائم ما تَنْطِقُ ولا تتكلم؛ ولذلك يكون لسان الإنسان الذي يُعَبِّرُ به عما في نفسه نِعْمَة عظيمة، أي: أنه قيمته: عقله ولسانه؛ فإذا صلح فقد صلح كله.
رُوِيَ في حكمة لقمان لقمان كان مملوكا، وقال له سيده: اذْبَحْ هذه الشاة، وأعطني أحسن ما فيها؛ فأعطاه القلب واللسان! وفي اليوم الثاني قال له: اذبح هذه الشاة، وأعطني أقبح ما فيها، أَشْيَنَ ما فيها؛ فأعطاه القلب واللسان! فقال: كيف ذلك؟! فقال: إذا صلح القلب واللسان فهما أحسن شيء، وإذا فسد القلب واللسان فهما أقبح شيء.
ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في القلب: ألا وإن في الجسد مُضْغَةً إذا صَلُحَتْ صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله فالقلب واللسان قيمة الإنسان، يقول الشاعر الجاهلي:
لسان الفتى نصفٌ ونصـف فـؤاده
فلـم يبـق إلا صورةُ اللحم والـدمِ
لسانك لك المملوك ما دمتَ صامتًا
وأنت له المـملـوك حـين التَّكَلُّـمِ
فاللسان يُعَبِّرُ عما في القلب؛ فيكون يدل على قيمة الإنسان، أنت تجهل الإنسان؛ فإذا تكلم عَرَفْتَ قَدْرَهُ، وعَرَفْتَ مَنْ هُوَ، وعَرَفْتَ ما يُحْسِنُه، تعرف ذلك من كلامه؛ كما ذُكِرَ أنَّ رجلا كان يُجَالِسُ أبا حنيفة رحمه الله ولا يسأل، والإمام أبو حنيفة يحترمه، ويقبض رجليه، مع أن ذلك يَشُقُّ عليه، فقال له مرة: لماذا لا تسأل كما يسأل غيرك؟ ولماذا لا تستفصل؟ فقال: أسألك عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم أقول: إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، ولم تغرب الشمس، فهل أُفْطِرُ؟!! فَعَجِبَ من سؤاله؛ لأنه لا يمكن أن الشمس تبقى مع إقبال الليل وإدبار النهار! فترك سؤاله، وأخذ يَمُدُّ رِجْلَهُ، فيقال: الآن مَدَّ الشيخُ رِجْلَهُ؛ دلَّ ذلك على عدم فقهه.
لا شك أن قيمة الإنسان ما يتكلم به، وما يعقله؛ ولذلك يقول مَنْ يَحُثُّ على التعلم:
واعـلـم بـأن العـلـم بـالتعلـمِ
والحفـظِ والإتـقـان والتـفـهـمِ
والعلـمُ قـد يُـرْزَقُـهُ الصـغـيرُ
في سِـنِّـهِ ويُحـرم الـكـبـيرُ
فإنـمـا المـرء بأصـغـريــهِ
ليـس بـرجـليـهِ ولا يـديــهِ
لسـانـه وقـلبــه الـمـركـبُ
فـي صـدره وذاك خَـلْـقٌ عَجَـبُ
فنقول: عليك أن تُعمل هذه الحواس التي أعطاك الله تعالى في التعلم والاستفادة : اللسان في السؤال والاستفادة، والعين في القراءة والكتابة، والأذن في الاستماع والإنصات، والقلب في التعقل والتفهم، وبقية الجوارح تكون خَدَمًا لهذه الجوارح، لهذه الأدوات.