شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
لقاءات في دور القوات المسلحة والحرس الوطني
32743 مشاهدة print word pdf
line-top
ثواب الله للطائعين

الله تعالى ذكر أن الذين يعملون الصالحات يثيبهم الله في الدنيا، ويثيبهم في الآخرة، فمن ذلك قول الله تعالى: وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ نزلت في المهاجرين الذين هاجروا من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، وعدهم الله أنه يفتح عليهم الدنيا، وأنه يُغْنِيهم من فضله، وأنه يُبَدِّلهم بدل ما تركوه لله تعالى- تركوا أموالهم، وديارهم، وأهليهم، تركوها لله،- فعوضهم الله خيرا منه، فبهذه الآية فتح عليهم الدنيا، وأعطاهم ما كانوا تركوه، أو أكثر منه. فهذا معنى ما ذُكر أنه أخبر بأن الذين هاجروا في الله من بعد ظُلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة، ولأجر الآخرة أكبر، لا ينقص ما أُعطوه في الدنيا من حظهم عند الله تعالى، بل يجمع الله لهم الْأَجْرَيْنِ.
ومن ذلك قول الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ الحياة الطيبة في الدنيا هي: حياة السعادة، والرخاء، والطمأنينة، والرضا، ونحو ذلك، وهكذا يعيش المؤمن التقي إذا وفقه الله تعالى إلى الأعمال الصالحة، فإنه يحيا حياة طيبة-ولو كان فقيرا- يحيا حياة سعادة، يَلْتَذُّ بما أعطاه الله، ويجد في نفسه راحة، ويجد في قلبه طمأنينة، ويجد سعادة في حياته، ولا يجد قَلَقًا ولا اضطرابا، ولا ضيقا ولا هما ولا غَمًّا.
نذكر بعض الآثار: ذُكِرَ عن إبراهيم بن أدهم أنه زهد في الدنيا، وزهد في أهلها، وكان من الأثرياء، ومن أهل الرفاهية في أول شبابه، ولكن ترك ذلك كله، فكان عيشه أنه يشتري رغيفا– قد يكون ذلك الرغيف يابسا- ثم يشرب عليه ماء- قد يكون ذلك الماء أُجاجا- ومع ذلك ينعم نعيما لا يوازيه شيء، فيقول: لو يعلم الملوك، وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف! يعني: أننا في لذة، وفي نعمة لا تعادلها نعمة الملوك الذين يُرَفِّهُون عن أنفسهم، والذين ضحكت لهم دنياهم، نعيمنا الذي ننعم به أكبر وأعظم من نعيمهم الذي يتنعمون به في الدنيا، هذا النعيم هو لذة قلوبهم، هذا النعيم هو راحة أنفسهم، وهو سرورهم بما أعطاهم الله، وبما منَّ عليهم من نعيم رُوحِيٍّ قَلْبِيٍّ، نعمت به أجسادهم، ولو كانوا في جوع، وفي جهد، وغير ذلك. وكانوا إذا مسهم الجوع لا يسألون أحدا. ذُكر عنه اشتكى بعض زملائه شدة الجوع؛ فأملى عليه بيتين، قال اكتب:
أنـا حامـد أنـا ذاكرٌ أنـا شـاكرٌ
أنـا جائعٌ أنـا حاسرٌ أنـا عاري
هـي سـتة وأنـا الضمين بنصفها
فكـن الضميـنَ بنصفها يا باري
يعني: أنه لم يُعَلِّقْ قلبه وعمله إلا بالله تعالى، لما كتب هذين البيتين أعطاهما زميله الذي مسه الجوع، فلما خرج مدها إلى رجل قابله وهو على فرس، فاستدعاه وقال: اذهب معي، فصرف له من الطعام، ومن الفواكه ما يكفيه ويزيد، فقال: هذا أفضل من أن نسأل الناس، وأن نَتَكَفَّفَهُمْ! إذا عَلَّقْنَا قلوبنا بربنا فإنه يسهل لنا.
كذلك أيضا قال بعض الْعُبَّاد: إن في الدنيا جنةً من لم يَذُقْهَا لم يَذُقْ جنة الآخرة!
ما يريد بذلك البساتين والأنهار، ولا يريد الأشجار والثمار، ولا يريد الفواكه والخضار، وإنما يريد لذة الطاعة، أي: التلذذ بالعبادة؛ فإنها لذة لا تعدلها لذة.
وكذلك أيضا ذُكر عن بعضهم أنه قال: إنه لَيَمُرُّ بالقلب أوقاتٌ يرقص فيها طربا، أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا، إنهم لفي عيش طيب!! هذه الأوقات هي تَلَذُّذُهُمْ بالذِّكْرِ، وبالقراءة، وبالدعاء، وبالعبادة، ونحوها، يتلذذون بالصلاة، ويتلذذون بالقراءة والذِّكْرِ، ويتلذذون بكل أنواع الطاعة، ويرون لها وَقْعًا في نفوسهم، ويجدون لها لذة لا تُعَادِلُهَا لذة أهل الدنيا- أهل الشهوات- شهوات محرمة أو غيرها.

line-bottom