قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
لقاءات في دور القوات المسلحة والحرس الوطني
23355 مشاهدة
التستر والحجاب صفة أمهات المؤمنين ونساء الصحابة

وكذلك قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ الجلباب هو الرداء الذي ترتدي به المرأة وتلفه على ظهرها وعلى رأسها وعلى منكبيها وعلى وجهها حتى تتستر به، يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ أي: هذا الفعل أقرب إلى أنها تعرف بأنها تقية نقية، وأنها نزيهة وعفيفة؛ فلا يتعرض لها أحد، ولا يأتي إليها ولا يغازلها أو يغمزها أو ما أشبه ذلك، لأنه عرف بتسترها أنها من المؤمنات، وأنها من التقيات، فهذا هو الذي جاء به الإسلام.
وكذلك قال الله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ الخمار هو الذي تجعله على رأسها، أمرها بأن تدليه حتى يستر وجهها، وحتى يستر فتحة جيبها، فتحة الجيب ماذا فيها من الزينة؟! ولكن لما كانت من البشرة أمرها بأن تستر حتى فتحة الجيب، فكيف لا تستر الوجه؟! إذا سدلت جلبابها إلى أن يستر فتحة الجيب كان بطريق الأولى أن يستر الوجه، فإن الوجه هو مجمع المحاسن.
كذلك أيضًا لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء أباح لهن أن يصلين في المسجد؛ يتعلمن الصلاة ويستمعن القرآن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن يعني صلاتها في بيتها؛ لأن ذلك أستر لها، ولما أمر أن يخرجن قال: وليخرجن تفلات يعني: تخرج شعثة بثياب بذلة، لا تلبث ثياب جمال، ولا تلبث ثياب زينة تلفت الأنظار، كل ذلك حماية لها، فهذا ونحوه دليل على أن الإسلام جاء بما فيه الخير للرجال والنساء.
جاء هؤلاء الدعاة الذين يدعون المرأة إلى أن تبرز.
يـرون أن تبرُز الأنثـى بزينتهـا
وبيعهـا البُـضْعَ تأجيـلا وتَنْتَقِـدُ
يرون ويدعون إلى أن تبرز المرأة بزينتها، وأن تخالط الرجال جنبًا إلى جنب، وأن تبدي محاسنها، وخالفوا بذلك ما جاءت به السنة، وما كان عليه نساء الصحابة رضي الله عنهم.
الصحابيات التزمن بالتستر، تقول عائشة رضي الله عنها: كان نساء يشهدن صلاة الصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم متلففات بمروطهن، فينصرفن لا يعرفهن أحد من الغلس، حتى لا يعرف بعضهن بعضا، متلففات أو متلفعات بمروطهن. مرطها هو الجلباب والرداء الذي تلتف به، لم يتيسر لهن عباءات ولا مشالح فلم يكن للمرأة إلا رداء تلتف به تضعه على رأسها، وتلتف به، متلففات، هكذا كان نساء الصحابة.
فنقول: لا يجوز الالتفات إلى هؤلاء الدعاة الذين يدْعُون إلى ما يكون تشبهًا بالنصارى وتشبهًا بنساء الكفار، أو يريدون بذلك أن يُشبِعوا غرائزهم، ولا شك أن ذلك من انتشار الفاحشة، فيدخل هؤلاء في قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
فإذا عرفنا مثل هذه المعاصي -والمعاصي كثيرة- فإن على المسلم أن يبتعد عنها، وأن يحفظ نفسه عن صغائر الذنوب وكبائرها، لعل الله تعالى أن يحميه وأن يحفظه عنها، وأن يكون من أهل الخير، فإن من ترك المعاصي حبب الله تعالى إليه الطاعات والعبادات، ومن سهلت عليه المعاصي؛ إذا سهلت عليه الصغائر دعاه ذلك إلى الكبائر، وإذا سهلت عليه الكبائر سهل عليه الشرك والكفر -والعياذ بالله- فإن المعاصي بريد الكفر.
نتوقف هاهنا، نسأل الله أن يحمينا، ويحمي أهلينا وإخوتنا المسلمين من صغائر الذنوب وكبائرها، ومن كل ما يسخط الله تعالى ويغضبه، ونسأله أن يعصمنا من غضبه وأسباب عذابه، وألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وأن ينجينا من عذابه وأليم عقوبته، كما نسأله سبحانه أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه، إنه على كل شيء قدير، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
أسـئلة
بارك الله فيكم وفي علمكم، ونفع بكم الإسلام والمسلمين. لقد كثرت الأسئلة علينا وسوف نعرض جزءا منها: فضيلة الشيخ: يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إن أكثر منافقي أمتي قراؤها .
س: السؤال: كيف يتخلص الإنسان من النفاق والعجب والرياء؟ وكيف يعرف أن هذه الأمور موجودة في داخل نفسه؟
الحق واضح -والحمد لله-إذا عرفت الحق فعليك أن تتبعه، فإن على الحق نور، لا شك أنه يحصل من كثير من الذين معهم علم والذين معهم معرفة يحصل منهم حب للمعاصي وركون إليها، وكذلك أيضًا مداهنة في حق الله تعالى، تعرفون كثيرًا من قادة وسادة وعلماء؛ ولكنهم علماء ضلال يعرفون الحق وينكرونه، يقرأون كتب العقيدة ويخالفونها، وهم يعلمون صحتها، يوجدون في كثير من الدول حتى الدول الإسلامية، فيوجدون في فرق الرافضة، وفرق المعطلة، وفرق الإباضية، وفرق الصوفية ونحوهم، فالتخلص من ما هم عليه الرجوع إلى سيرة السلف الصالح، سيرتهم -والحمد لله- موجودة، وكتبهم متوفرة.
س: بارك الله فيكم. يقول السائل: أرجو من فضيلتكم بيان كيفية إخراج زكاة التاجر الذي يبيع السيارات بالتقسيط، فهل لي .... بالتوضيح، أثابكم الله؟
الطريقة إذا كان له مثلًا دين على فلان يأتيه أقساط، وعلى فلان، وعلى فلان، على عشرة مثلًا كلهم يعطيه كل شهر قسطًا، هذا يعطيه ألفا، وهذا ألفين، وهذا ثلاثة، فإن عليه أن يثبت ما يصله كل شهر، يكتب جاءني في شهر محرم من فلان كذا، ومن فلان كذا، المجموع عشرة، وجاءني في شهر صفر من فلان ومن فلان، المجموع ثمانية، وجاء في شهر ربيع من فلان ومن فلان، المجموع خمسة عشر، معلوم أنها إذا اجتمعت عنده اشترى بها أيضًا سيارة وباعها، أو سلعة وباعها بالآجل، ولكن مكتوب عنده ما وصله، فإذا كان في الشهر الثاني عشر عد ما وصله في اثني عشر شهرًا وأخرج زكاته، بالغ ما بلغ ثمانين ألفًا أو مائة ألف أو أكثر أو أقل.
س: أثابكم الله، يقول السائل: ما حكم صبغ اللحية بالسواد؛ حيث إن بعض الناس أراهم يصبغ لحيته بالسواد، فما حكم ذلك؟
لا يجوز في ذلك وإن خالف في ذلك من خالف، فإنه ورد فيه الوعيد، في حديث مذكور في الترغيب والترهيب وفي غيره يقول صلى الله عليه وسلم: يكون قوم في آخر الزمان يصبغون لحاهم بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة وعيد شديد. يجوز صبغها بالحناء وبالسمرة، بالحناء والكتم، فأما الأسود الخالص فلا يجوز.
س: أثابكم الله، يقول السائل: أريد توضيحا في الشراء من البنك الأهلي سلعة، حيث إنك تذهب إليه وتقول له: أريد سيارة. فيقول لك: اذهب وأخرج الصيغة من أي معرض، ثم بعد إخراجك الصيغة يقوم البنك برفع أوراقك للبنك الرئيس، ثم بعد رفع الأوراق يقوم البنك بالذهاب للمعرض، ويشتري السيارة، وتوقع العقد، وتستلم سيارتك...؟
الطريقة السليمة في هذا إذا رغبت سيارة بالآجل بالدين تأتي إلى التاجر أو إلى البنك وتقول: إني أرغب السيارة كذا رقم كذا في معرض كذا بالآجل، فهو يتصل بالمعرض ويقول: احجز لنا السيارة كذا وكذا، ثم يرسل واحدًا من مندوبيه يقول له: سلم الثمن، واقبض المفاتيح، وانقل السيارة من مكانها، لا تتركها في مكانها، وارجع إلينا. ثم إذا رجع إليهم يقولون: السيارة اشتريناها بستين ألف نقدًا، ونبيعكها بسبعين إن رغبتها ولا نغصبك ولا نلزمك، وإذا لم ترغبها فلا نأخذ منك شيئا. ففي هذه الحال يصح البيع، فأما أن يحددوا الثمن قبل أن يشتروها، أو كذلك يلزمونك بها إذا اشتروها، ولا يقبلون تركك لها، أو إذا تركتها يأخذون عليك غرامة، فكل هذا لا يجوز.
س: أثابكم الله، يقول السائل: عن سعد بن عبادة قال: قال صلى الله عليه وسلم: ما من امرئ يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي الله عز وجل يوم القيامة أجذم أخرجه أبو داود .
يقول السائل: أنا كثير النسيان، والآن بدأت بالحفظ في سورة البقرة وعندما قرأت الحديث... أصابني الخوف والتردد، فهل أكمل وأنا كثير النسيان؟ أم أحدد سورا قصارا وأكتفي بها؟
الحديث ورد في من ينسى القرآن وهو لا يعرف يقرأه في المصحف؛ لأن كثيرًا من الصحابة كانوا أميين، أما إذا كنت تنساه في الحفظ؛ ومع ذلك تقدر على أن تراجعه، وعندك مصحف تقدر أن تقرأه في المصحف، فلا يعمك الحديث، إنما الحديث فيمن كان لا يقرأه في المصحف، حفظ سورة ثم تساهل حتى نسيها، فننصحك بأن تواصل الحفظ.
س: أثابكم الله، يقول السائل: ما هو واجبنا... غير المسلمين حيث لا يتقيدون بحجاب إسلامي حيث التبرج والسفور في الأماكن العامة والمستشفيات، نريد توجيها لذلك؟
الحكومة في أنظمتها أخذ العهد على كل من يتعاقد معه أن يلتزم بأحكام الإسلام، ويتقيد بعادات البلاد، هكذا يؤخذ عليهم العهد، وذلك موجود في كثير من القرارات التي صدرت من الدولة، مثلًا أنهم لا يظهرون شيئًا من شعائر عاداتهم المخالفة للإسلام، ولا يتظاهرون بمخالفة المسلمين، هذا هو الذي يؤخذ عليهم.
فنقول: عليكم أن تنصحوا المسؤولين، أولًا الكفلاء الذين يكفلون هؤلاء النساء كالخادمة ونحوها، ألزمها أيها الكفيل بالاحتجاب ولو أن ذلك يخالف عادة بلادها، كذلك المسؤولون في المستشفيات وما أشبهها، أنت أيها المدير يلزمك أن تلزمها وأن تمنعها من التكشف، فعندك الأوامر وعندك الإرشادات والقرارات، فطبقها ولو كان ذلك ثقيلًا عليها، ولو قلت إنا لا نستغني عنها، وإننا لا نقدر على أن نلزمها لأن هذا خلاف عادتها، بل نقول: إنه إذا وجد -ويوجد- من يقوم مقامها من نساء المؤمنين، وأصرت على أن تبقى على عادتها السيئة؛ وجب طردها وإبعادها، وفي إمكان المسلمين أن يستغنوا عنها.
في أثر عن عمر رضي الله عنه، أرسل بعض العمال في بعض البلاد يجبي الصدقات، فلم يجد من يكتب له إلا كاتب نصراني، فكتب إلى عمر إنا اتخذنا كاتبًا نصرانيا. فكتب إليه عمر قاتلك الله، أما سمعت قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ لا تقربوهم بعد إذ أبعدهم الله، ولا تعزوهم بعد إذ أذلهم الله، ولا ترفعوهم بعد إذ وضعهم الله. فكتب إليه ذلك الأمير: إنا لا نستغني عنه. فرد إليه مرة أخرى وقال: مات النصراني والسلام. يعني: قدر أنه مات فهل يتعطل العمل؟!
فكذلك نقول لهؤلاء الذين يقولون: إنا لا نقدر أن نجد مكانهم من يقوم مقامهم. لا شك أن هذا تفضيل لغير المسلمين عليهم، ثم اشتهر أيضًا أن خلفاء بني العباس وغيرهم كانوا لا يقربون أحدًا من النصارى أو المجوس ونحوهم، ولا يرفعون مكانته، ولذلك أو في ذلك أثر: أن أحد الخلفاء استضاف نصرانيًا، دخل عليه أحد الفقهاء وذلك النصراني جالس إلى جنبه، فقال: ائذن لي أيها الخليفة أنشدك بيتًا، فقال:
إن الـذي شُـرِّفـت مـن أجلـه
يـزعـم هـذا أنــه كــاذب
يعني أنك ما اكتسبت الشرف إلا بقرابتك من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا النصراني يقول: إنه كاذب في دعواه النبو، فلا يكون لك شرف، فعند ذلك أخرجه ذلك الخليفة وطرده، وهكذا ينبغي أن يكون ولاة المسلمين.
س: أثابكم الله، يقول السائل: ماهو أصح الأقوال في زكاة الحلي المعد للزينة والحسن النساء؟
لا شك أن الأقوال متساوية، ولكل حجة يحتج بها؛ ولكن نحن نقول: إن الأحوط أن تزكى ولو كانت تلبس إذا بلغت النصاب، إذا كان مجموع هذا الذهب يبلغ نحو اثني عشر جنيها أو أحد عشر جنيهًا ونصف فإنه يزكى، تقدر قيمته، هذا هو الأحوط.
س: أثابكم الله، يقول السائل: هل هناك ما يدل على النهي في وضع النوى في نفس الصحن الذي فيه التمر الذي لم يؤكل؟
ليس فيه نهي؛ لكن من بعض الاستقذار، أن التمرة التي يأكلها، ثم يخرج النواة من فمه، ثم يضعها إلى جانب التمر الآخر أن ذلك قد يقذره على غيره، وإلا فالأصل الطهارة، كانوا يجعلون للنوى يجعلون له مكانا خاصا، وللتمر مكان خاص فيما ينسجونه من الخوص، فيجعلون هذا محل التمر، وهذا محل النوى، وهذا هو الأولى.
س: أثابكم الله، يقول السائل: هل ورد النهي عن السؤال بجاه الله؛ أي تقول: بجاه الله عليك أعطني هذا؟
لا يجوز السؤال بجاه مخلوق، وأما السؤال بالله وبوجه الله فلا يجوز إلا سؤال الجنة، جاء الحديث: لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة الجاه والوجه بمعنى واحد، وذلك لأن وجه الله أشرف من أن تسأل به الدنيا، فلا تقول أسألك بوجهك دنيا أو فاكهة أو أكلًا أو مالًا أو قصرًا حسنًا أو زوجة حسنة أو ولدًا أو نحو ذلك، وإنما تسأل بوجه الله الجنة، تقول: أسألك بوجهك العظيم الجنة، أعوذ بوجهك العظيم من النار.
س: أثابكم الله، هل من كلمة موجزة عن السحر وحكم تعلمه؟
السحر عمل الساحر -والعياذ بالله- والساحر مشرك، لأنه يخدم الشياطين، ويخدم مردة الجن، يذبح للجن ويذبح للشياطين، ويدعوهم من دون الله، يتعلم أسماءهم، وإذا فعل ذلك فإنه يستخدمهم؛ بل يصيرون في طوعه لا يقدرون على أن يخالفوه، فلذلك يصير الساحر مشركًا كافرا.
ذُكر أن امرأة أصيبت بجان، فنطق ذلك الجان وقال: أنا مسخر للساحر الفلاني. وسماه، ساحرًا في مصر وأن هذا الساحر قد سخر أكثر من ستمائة جني لا يقدرون على أن يتخلصوا من أسره، وإذا قتلتموني فإنه سيسلط عليكم آخر، ولا تتخلصون مني ولا تتخلصون من الجن إلا إذا قتلتم ذلك الساحر أو مات ذلك الساحر، كيف سخركم؟ يقولون: إنه تقرب إلى الشياطين فسخرتنا له، فلا نقدر على أن نتخلص من أسره.
فعلى هذا: الساحر مشرك، الساحر كافر، الساحر يعبد الشياطين، يعبد الجن، يذبح لهم من دون الله، ويترك الصلاة لأجلهم، وكذلك أيضًا يتلبس بالنجاسات، ربما أنه يلطخ جسده بالدم وبالروث وبالقئ وبالفرث ونحو ذلك وبالغائط وبالبول لأن الشياطين تألف النجاسات، فإذا كان كذلك فإنها تخدمه.
فعلى هذا من عرفتم أنه ساحر وهو الذي مثلًا يسلط على الإنسان جني، يقول: تسلط أيها الجني على فلانة، تسلطي أيتها الجنية على فلان، أو مثلًا يسلطه حتى يقلب هيئته، إذا تسلط عليه فإنه قد يقلب هيئة الإنسان إلى حيوان أو نحوه، لا شك أن هذا كافر، فمن عرفه فعليه أن يرفع بأمره، حد الساحر ضربه بالسيف، إذا عرف فارفعوا بأمره حتى يقتل ويستراح من أمره، ولا يستتاب.
س: أثابكم الله، هذا السائل يسأل عن حكم طهارة الطواف؟
الطواف عبادة، ولا بد فيه من الطهارتين؛ الطهارة من الحدث الأكبر الذي يوجب الغسل، والطهارة من الحدث الأصغر الذي يوجب الوضوء، ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ لطوافه، وثبت أنه قال لعائشة لا تطوفي بالبيت حتى تطهري دل ذلك على أنه لا يجوز للحائض أن تطوف ولو كان الطواف ركنًا، وكذلك أيضًا قال الله تعالى: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ يعني: طهره ليطوفوا به، فإذا كان أمر بتطهيره؛ فكذلك الذين يأتون إليه يكونون متطهرين.
س: أثابكم الله، يقول السائل: نرى رجال الحسبة -أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- يسهرون الليالي، ويقومون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة. سؤالي هو: ما هو واجبنا تجاههم؟
الجميع مكلفون، كلنا مأمورون بأن نأمر وننهى، وأن نقوم مع أهل الحسبة، وأن نأخذ على يد الظالم، وأن نمنع من المنكرات ومن إظهارها، وأن لا يقف الأمر على هؤلاء العدد القليل، إذا كانوا مثلًا في البلد نحو مائة ألف من المواطنين وعدد الهيئة مثلًا عشرة أو عشرون؛ لا شك أنهم لا يتمكنون من أن يأتوا على الأماكن كلها، ولا على أن يقضوا على جميع المنكرات، فعلى هذا أنا وأنت وفلان وفلان كلنا مأمورون بأن نأمر وننهى؛ حتى لا يعاقبنا الله.
س: أثابكم الله، وهذا سائل يقول: أنا شاب منَّ الله علي بالهداية -والحمد لله-؛ ولكن الشهوة ما زال بعضها في قلبي، فأرجو من سماحتكم النصيحة.
إن كانت الشهوة شهوة النكاح فحاول أنك تتزوج؛ حتى تتعفف وتخف عنك تلك الشهوة؛ التي قد تحملك على فعل الزنا أو اللواط أو غيره، فتقع في منكر وفي عذاب شديد، وإذا لم تقدر في الحال فإنك تبتعد عن المغريات، فلا تدخل المجتمعات التي فيها النساء المتكشفات، وكذلك أيضًا تصون سمعك عن سماع الأغاني التي تثير الشهوات، وتصون عينيك عن النظر إلى الأفلام الخليعة والصور التي تعرض في الشاشات وما أشبه ذلك.
وهكذا أيضًا أنصحك كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تكثر من الصيام، وأن تكثر من الاجتهاد؛ يعني العمل الشاق في الأعمال اليدوية ونحوها، التي فيها شيء من المشقة البدنية، فإن ذلك مما يخفف الشهوة إلى أن ييسر الله.
س: أثابكم الله، وهذا سائل يسأل عن اجتماع أهل الميت عند دفن الميت في المقبرة لتقبل العزاء في صمت، وينكر البعض ذلك، فما الحكم في ذلك؟
تعزية الميت من باب التسلية، ومن حقوق المسلمين بعضهم على بعض، أن تعزي أهل الميت تدعو لميتهم وتترحم عليه، وتعظهم وتحثهم على الصبر وعلى الاحتساب، أولاده وأولاد أولادِه وإخوانه وأعمامه وأولادهم وأقاربه هؤلاء نزلت عليهم هذه المصيبة فأحزنتهم كثيرًا، فهم يحتاجون إلى أنك تسليهم وتعزيهم، لا بأس متى لقيتهم سواء في المقبرة أو بعد ما ينصرفون، ولا بأس أن تعزيهم في المقبرة إذا عرفتهم وتميزوا واجتمعوا كصف واحد، وصار الناس يقصدونهم، فذلك من باب تسليتهم وحثهم على الصبر والاحتساب، والذين أنكروا ذلك كأنهم يقولون: إن هذا غير مشهور، نقول: بلى ورد الأمر بتعزية أهل الميت، وأنه يقال: إن في الله عزاء من كل فائت، ودركا من كل هالك، وعوضا من كل فائت، فبالله ثقوا، وإياه فارجو فإن المصاب من حرم الثواب. وحثهم على الاسترجاع وما أشبه ذلك.
س: أثابكم الله، وهذا سائل يقول: أرجو توجيه كلمة لطلبة العلم وحثهم على الدعوة إلى الله عز وجل.
العلم -والحمد لله- قد تمكن، لا يوجد في المملكة إلا القليل الذين لم يتعلموا القرآن ولم يتعلموا شيئًا من السنة ولا من العلم الصحيح، وذلك لأن الحكومة -أيدها الله- فتحت هذه المدارس، من حين يبلغ الصبي ست أو سبع سنين، وكذلك الأنثى يجد المدارس مفتحة يدرس بالمجان، فيقطع مراحل: مرحلة ابتدائية يقرأ فيها علومًا كثيرة، ومرحلة متوسطة، ثم ثانوية، ثم جامعية، والذي لا يستطيع أن يواصلها يقرأ بعضها.
فنقول: ليس أحد هنا إلا وعنده علم غالبًا؛ ولكن منهم من يتغافل عن العلم الذي تعلمه ويتركه حتى ينساه، وكأنه ما تعلم آية ولا حديثًا، وذلك بإعراضه وإهماله، فهو بحاجة إلى أن تعلمه أنت أيها الذي تعرف، وكذلك منهم من لم يواصل التعلم، فهو بحاجة إلى أن يعلم، وكذلك أيضًا منهم من غفل مع كونه يعلم، ونسي مع كونه قد تعلم، هو بحاجة إلى أن نذكره، فنحثك أيها الطالب ولو كنت في المرحلة الابتدائية ولو لم يكن معك إلا مؤهل واحد لا تحتقر نفسك أن تدعو إلى الله، وأن تذكر الناس بقدر ما تستطيعه، ولك أجر إن شاء الله.
س: أثابكم الله، وهذا سائل يسأل: في حالة وفاة الأب فمن هو الولي الذي يحق له تزويج بناته وعقد النكاح لهن، نأمل توضيح ذلك أثابكم الله؟
إذا مات الأب يقوم أولاده في تزويج أخواتهم، إذا كان للبنت إخوان فأكبرهم يتولى تزويج أخواته، وإذا غاب تولى الذي بعده، وكذلك أيضًا الإخوة إذا كان بعضهم أقوى من بعض، كالأخ الشقيق يكون أقوى، إلا أن يفوض إليه الأخ من الأب الأكبر، ثم إذا لم يكن هناك إخوة زوَّج أولاد الإخوة، ثم إذا لم يكن هناك أولا إخوة زوجها الأعمام، العم الشقيق، ثم العم لأب، إذا عدموا يزوجها ابن العم، وهكذا العصبة، فإذا لم يكن لها أقارب ولا أحد من قبيلتها زوجها السلطان الذي هو القاضي.
س: أثابكم الله، وهذا سائل يسأل: حكم فتح حساب في البنوك الربوية؟
عند الحاجة يجوز، إذا كان هناك حاجة أنك مثلًا تكثر الأسفار وتريد أن تفتح حسابا في هذا البنك الذي له فروع في كثير من البلاد، ولا يوجد فيها فروع للمصارف الإسلامية، فيجوز ذلك بقدر الحاجة كأمانة، وإذا استغنيت عنه فإنك تنقله إلى المصارف الإسلامية كالراجحي وغيره.
س: أثابكم الله، وهذا سائل يقول: ما حكم لبس النساء للبنطلون؟ وهل هذا من التشبه؟ وما توجيهكم ووصيتكم للنساء فيما يتعلق بالألبسة؟
لا شك أنه تشبه، ما عرف هذا البنطال وهذا السراويل الضيق ما عرف إلا بعد ما توافد إلينا نساء المشركين ونساء النصارى ونحوهم، المرأة تلبس اللباس الواسع الذي لا يبين شيئًا من حجم أعضائها، بحيث إنها تكون متسترة غاية التستر، فهذا البنطال يبين حجم الفخذين وحجم الأليتين فلا يجوز لها لباسه، يمكن أنه يجوز في غرفة النوم مع زوجها.
كذلك أيضًا اللباس الضيق، ابتلي كثير من النساء بتفصيل ثياب ضيقة؛ بحيث إن أعلاها يكون ضيقًا إذا لبسته فكأنها عارية، تتبين منكباها، وتتبين ثدياها، ويتبين بطنها وظهرها كأنها عارية لضيقه، لا شك أن هذا أيضًا فتنة، وأنه مما يلفت الأنظار.
وكذلك أيضًا الخمر؛ يعني كونها مثلًا تلبس خمارًا غير ساتر، يعني لكونه شفافًا، إذا وضعته على وجهها لا يستر الوجه لرقته، لا يجوز، كذلك أيضًا العباءة، إذا لبست العباءة على كتفيها تشبهت بالرجال، عليها أن تضع عباءتها أو مشلحها على رأسها؛ حتى يستر الرأس ويستر الرقبة ويستر المنكبين، وتبعد عما يلفت النظر إليها، ولا تلبس الثياب الئمشققة التي تكون مشقوقة من أسفلها بحيث يبدو الساق ونحوه، كان نساء الصحابة يلبسن اللباس الوافي، حتى أن إحداهن ترخي ثوبها تحت قدمها شبرًا وتخشى مع ذلك أن يتقلص، فهذا هو الواجب على نساء المؤمنين.
س: أثابكم الله، هذا السؤال قبل الأخير، يقول السائل: لي أم -غفر الله لها- تدعي كل يوم وكل ساعة علي وعلى إخواني بأنواع الدعاء الذي أخاف أن يصيبني؛ ولكننا والله أعلم لا نفعل ما نستحقه على هذا الغضب والدعاء، فبماذا تنصحني وفقك الله لكل خير؟
يقع هذا من كثير من النساء، عندما تغضب على أولادها فتدعو عليهم، وكذلك الآباء؛ ولكن إذا قيل لها: هل تحبين أنه يصيب ولدك؟ قالت: أستغفر الله، لا والله، لا أحب أن يصاب ولدي بهذا المرض ولا بالموت ولا بالفقر ولا بالعاهة ولا بالشلل؛ ولكن من شدة الغضب، ومن شدة التأثر تكلمت بهذا، وأنا لا أنويه ولا أريده.
نقول: انصحوا هؤلاء النساء أو الرجال عن التسرع في الدعوة على أولادهن أو نحو ذلك، ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا على أموالكم، ولا على أولادكم، لا توافقوا من الله ساعة لا يسأل فيها شيء إلا أعطاه كذلك أيضًا لو أن الله تعالى يستجيب هذا الدعاء لحصل بذلك ضرر عظيم.
قال المفسرون في تفسير قول الله تعالى: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ قالوا: هو الرجل إذا غضب على ماله أو على ولده يقول: اللهم لا تبارك فيه، اللهم العنه. فلو عجل الله له تعالى دعوته لهلك ماله ولهلك ولده؛ ولكنه سبحانه علم بأنه ليس بصادق في هذه الدعوة، فلأجل ذلك لا يعجل الله له ما يدعو به، ومع ذلك على الإنسان أن يصون نفسه، وأن لا يتسرع في الدعاء، إذا غضب على ولده، ضربه أهون وأسهل من الدعوة عليه.
س: أثابكم الله، وهذا سائل يقول: حضر أحد المصلين للصلاة وقد اكتمل الصف الأول تماما، فاضطر للصلاة وحده، فهل صلاته صحيحة أم يقوم بإعادتها؟
جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي خلف الصف فأمره بأن يعيد، وقال له: هلا التمست فرجة أو اجتررت رجلًا إذا جئت والصف قد كمل فالتمس فرجة، ولو أن تقرب هذا إلى هذا وهذا إلى هذا لعله أن يكون بينهم فرجة تتسع لك، فإذا وجدتهم متراصين ليس بينهم فرجة؛ فلك أن تشير إلى بعضهم إلى واحد منهم بنحنحة أو كلمة حتى يتأخر معك وتكونا اثنين صفًا كاملًا، ويصل الصف، ويدخل في الحديث: من وصل صفًا وصله الله فإذا لم تستطع، ورأيتهم متمسكين بأماكنهم فلك أن تخرق الصف وتصف عن يمين الإمام.
وإذا كانت الصفوف كثيرة متراصة، وخفت أن تفوتك الجماعة، ولم يكن هناك أحد تنتظره يقوم معك وصليت وحدك فأنت معذور، ولا تعد الصلاة إذا بذلت الجهد، وإذا صففت وحدك خلف الصف، وجاء واحد معك قبل سجود الإمام؛ صحت صلاتك، لو مثلًا ركعت وحدك، ثم رفع الإمام ورفعت معه، ثم جاء آخر ووقف معك وسجد معك صحت صلاتك وصحت مصافتك.
أثابكم الله، وفي الختام نتقدم بالشكر الجزيل بعد شكر الله تعالى لسماحة شيخنا فضيلة العلامة الشيخ الدكتور عبد الله بن الجبرين حفظه الله، وأثابه، وجعل هذا العمل في ميزان حسناته.