لقاءات في دور القوات المسلحة والحرس الوطني
التحذير من السخرية من سنة النبي صلى الله عليه وسلم
وهكذا أيضًا الذين يعيبون أهل التمسك بالسنة ، مثل الذين يعفون اللحى، ويعملون فيها بما أمروا به من قول النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> حفوا الشوارب، وأعفوا اللحى متن_ح> رسم> أي: أكرموها وأبقوها رسم> خالفوا المجوس متن_ح> رسم> فهؤلاء تشبهوا بالمجوس الذين من عقيدتهم إعفاء الشوارب وحلق اللحى، ثم لم يقفوا عند هذا بل صاروا يهزأون بأهل اللحى، فإذا رأوا الملتحي يعيبونه ويصفونه بأوصاف بشعة، فيقول أحدهم: لحيته كثيفة كأنها ذنب تيس. أو نحو ذلك، فيستبشعون هذه السنة، وما علموا أنهم بذلك يعيبون النبي صلى الله عليه وسلم.
يعيبون أهل الدين من جهلهم بهم | كما عابت الكفار من جاء من مضر |
هذه اللحية جعلها الله تعالى ميزة للرجال، يتميز بها الرجل عن المرأة، فلذلك صارت من شيم الرجال، فاللحية زينة الرجال، واللحية شرف الرجال، واللحية ميزة الرجال، واللحية هي الفارقة بين الرجال والنساء، ثم هي أيضًا الفارقة بين التقي والشقي، الفارقة بين المؤمنين والكفار، بين أهل الإيمان وأهل السنة مع المجوس والنصارى واليهود ونحوهم.
كان أهل الجاهلية قبل الإسلام يعفون اللحى ولا يرون في تركها بأسًا ولو كانوا كفارًا؛ لأنهم يرون أنها ميزة للرجل، وهكذا أيضًا في الإسلام، لم يزل المسلمون يفتخرون بذلك؛ بل إذا تحات شعر أحدهم استحيى أن يخرج للناس؛ بل في أول القرن الماضي كان كثير من الملوك يعاقبون بحلق اللحية، فإذا أحد -مثلًا- خرج عن الطاعة أو فارق الجماعة أو أذنب أو خان في أمانة له أو نحو ذلك عاقبه الأمراء بحلق لحيته، ومتى حلقت اختفى في بيته لا يقدر أن يخرج؛ لأن ذلك عيب، يراه عيبًا، ويراه نقيصة، فلا يخرج حتى تعود وتنبت، استحياءً، وإذا خرج فإنه يستر وجهه؛ يتلثم، دل ذلك على أنها عيب أكبر عيب.
ولكن زُيِّن لهؤلاء لما أن النصارى ونحوهم استعمروا كثيرًا من البلاد؛ استعمروا كثيرًا من البلاد الإسلامية كمصر اسم> والمغرب اسم> والجزائر اسم> والعراق اسم> ونحوهم، وكانوا يحلقون اللحى؛ يعني من عادة النصارى، وكان الناس في بلادهم يظنون أنهم أهل قوة، وأهل معرفة وذكاء، وحذق في الأمور، وأنهم ما وصلوا إلى هذه القوة وهذه المنعة إلا بسبب ما هم عليه، فعند ذلك صاروا يحلقون اللحى، في الشام اسم> وفي العراق اسم> وفي السودان اسم> وفي إفريقيا اسم> وفي أكثر البلاد الإسلامية، ثم لما توافدوا إلى هذه المملكة اسم> وصار لهم مكانة، وصاروا أيضًا يتولون أمورًا ووظائف رفيعة؛ ظن الجهلة أنهم على صواب، وأنهم هم أهل الرقي وأهل التقدم وأهل التمكن، فعند ذلك قلدوهم وفعلوا كفعلهم، وانتشر هذا الفعل الذي هو -والعياذ بالله- التشبه بالمجوس، والتشبه بالنساء.
وإذا فكر المسلم في هؤلاء الذين يعيبون أهل السنة عرف أنهم هم أولى بالعيب، فأولى بك أن تسخر منهم، إذا سخروا منك فإنك تقول كما قال نوح اسم> رسم> إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون قرآن> رسم> فأنتم أولى بالنقص، وأنتم أولى بالعيب؛ لأنكم تشبهتم بأمهاتكم، وتشبهتم ببناتكم وزوجاتكم، ولأنكم تركتم سنة نبيكم، ولأنكم تشبهتم بأعدائكم؛ بأعداء الإسلام الذين يكيدون لكم، فنقول: إن هذا أيضًا مما يدخل في الردة -والعياذ بالله- أو يكون سبًا للشريعة، فمن سب الشريعة أو شيئًا منها أو أبغضها فإنه حري أن يعاقب بهذه العقوبة.
كذلك أيضًا ابتلي كثير منهم بمخالفة السنة فيما جاءت به، من السنة رفع الثوب إلى نصف الساق أو إلى مستدق الساق، جاء من يعيب الرجل الذي يرفع ثوبه، فصاروا يفتخرون ويتمدحون بإرخاء ثيابهم إلى أن تصل إلى الأرض وتستر الأقدام، ويتعثر أحدهم فيها، ويكاد أن يتعثر إذا مشى، مع أن ذلك خلاف السنة.
ثبتت الأحاديث في النهي عن إطالة الثياب وإسبالها ، جاء في الحديث: رسم> ما أسفل من الكعبين فهو في النار متن_ح> رسم> وعيد شديد، وجاء أنه صلى الله عليه وسلم قال: رسم> ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل متن_ح> رسم> بدأ به، رسم> المسبل، والمنان، والمنَفَّق سلعته بالحلف الكاذب متن_ح> رسم> بدأ بالمسبل الذي يطيل ثيابه، لا شك أنه يفعل ذلك عادة ترفعًا وتكبرًا وتعاظمًا في أعين الناظرين؛ مع أنه بذلك يخالف السنة، وأنه يفعل ما نهي عنه، جاء في حديث أو في أثر: أن عمر اسم> رضي الله عنه لما طعن في آخر حياته جاءه شاب وأخذ يمدحه ويثني عليه ويبشره بالخير، فلما ذهب ذلك الشاب وإذا إزاره يصل إلى الأرض، فقال: ارجع. فقال: يا بني ارفع إزارك، فإنه أنقى للثوب، وأتقى للرب. أمره بأن يرفعه إلى أن يكون إلى مستدق الساق، وأخبر بأنه أتقى لله يعني أتم للتقوى، وأنقى للثوب وأبقى له؛ يعني حتى لا يأتي عليه التمزق، فهذا من المخالفة يتهاون بها كثير من الناس، وربما أيضًا يعيبون الذي يرفع ثوبه.
مسألة>