شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
محاضرة في فتن هذا الزمان ومقاومتها
12853 مشاهدة print word pdf
line-top
فتنة المال

كَذَلِكَ أَيْضًا مِنَ الْفِتَنِ- من فِتَن هذا الزمان- فتنة المال الذي قد طَغَتْ محبته على القلوب حتى آثَرَهُ خَلْقٌ كثير, وقدموه على ما هو حَقُّ الله تعالى, ولم يبالوا بِحِلٍّ وحرمة, وهذه أيضًا فتنة عامة. إما لها دعاة يدعون إليها, وإما دواعيها هي ما في النفس من الْجِبِلَّة التي هي محبة المال.. أوقعت الكثير فيما هو محرم, فإن كثيرًا من الناس أخذوا يتباهون بكثرة الأموال أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فافتتن به الخلق الكثير, فقالوا: فلان ما فعل كيف حَصَلَ على هذا المال الذي أصبح به ثَرِيًّا, وبَنَى به عماراتٍ وطبقاتٍ؟ وتَمَلَّكَ كذا وكذا من الأملاك في داخل البلاد وخارجها؟ وصار يُعْطِي نفسه ما تَلَذُّه, وتميل إليه, فانْخَدَع به وبِدَعَايَاتِهِ الخلقُ الْكَثِير, فَحَرِصُوا على جمع المال من غير حِله فوقعوا مثلًا في أخذ الرشا ونحوها, أو في أكل الأموال الربوية, أو في الغش في المعاملات. كل ذلك حرص على أن تنمو أموالهم, أو في السرقة والاختلاس, أو في أخذ الأموال من بيت المال, أو غيره بغير وجوهه. يريدون بذلك أن تكثر وتنمو أموالهم, حتى يحصل لهم مثل ما يحصل لفلان.. فإذا حصل لهم, حصلت لهم تلك الأموال الطائلة عند ذلك ينعمون أنفسهم كما يقولون, يعطون أنفسهم شهواتها.. يلبسون ما يشاءون, سواء من حِلٍّ أو من حرمة, يطيلون مثلًا اللباس, كذلك أيضًا يتشبهون في اللباس بلباس الكفار ونحوها, يسافرون إلى البلاد الخارجية كما يقولون, ويُنَعِّمُون أنظارهم إلى تلك المرائي القبيحة التي هي لذيذة عند أنفسهم البهيمية, وهكذا.
فتعظم بذلك المصيبة, وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن المال فتنة, وأخبر الله تعالى به, في قوله تعالى : إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ فالله تعالى يُعْطِي هذا المال ويكون فتنة لذلك الذي أُعْطِيَهُ بحيث أنه يقع في المحرمات, ويشتري به ما هو غير جائز, ولا يقتصر على المباح, بل يدعوه..تدعوه نفسه مادام واجدا, وما دام متمكنًا إلى أن يأخذ ما يشتهي.
متى سافر مثلا إلى البلاد الخارجية ونحوها, ورأى ما لا صبر له عليه من الشهوات, وقع في الْمُحَرَّمات بشرب الخمور, وفي الزنا, وفي الخنا, وفي اللواط, وفي الأغاني, وما أشبه ذلك.. وذلك من الفتن العظيمة التي وقعت في هذا الزمان..فهذه أمثلة من الفتن.

line-bottom