إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
67930 مشاهدة
حكم تحنيط الحيوانات وشرائها واقتنائها


س 104: وسئل -حفظه الله- يقام معارض للتربية الفنية والعلوم في بعض المدارس وتحضر حيوانات وطيور وحشرات وديدان محنطة سواء بالشراء أو بالاقتناء أو بعمل التحنيط داخل المدرسة، ويتم شراء المواد التي تحفظ جثة الحيوان، أفتونا في ذلك مع بسط القول في مسألة التحنيط؟
فأجاب: أرى أنه لا بأس بذلك حسب علمي القاصر؛ لأنه قد يستفاد منها في التربية الفنية ودروس علوم الأحياء وخواص المخلوقات، وما تحتوي عليه أجزاؤها وحواسها، وما فيها من العلوم والآيات العجيبة في خلقها، وتركيب أعضائها ووظيفة كل عضو وكيفية تركيبها، وحيث إن التحنيط هو علاجها بدواء يحفظ الجثمان ويبقي الهيكل كاملا، وتخرج الروح ويجفف اللحم والمخ والشحم، حتى يزول عنه النتن والروائح الخائسة، ثم يحتفظ بهذه الجثة وتبقى للاعتبار والتذكر والتفكر في عجيب خلقها، وإما أن يستفاد منها في تعليم التلاميذ خصائص كل عضو ووظائف كل جزء منها، وما يعرض لها من العاهات وكيف يتم علاجها.
وقد أكثر العلماء من الكتابة حول تركيب أجزاء الحيوانات وخصائص أعضائها وما فيها من العجائب، ومن أحسن من رأيته كتب في ذلك ابن القيم في كتابه مفتاح دار السعادة، وذكر ذلك للعظة والاعتبار، وكذا تكلم على قوله -تعالى- وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ في كتابه التبيان في أقسام القرآن، وتوسع في عجائب خلق الإنسان، وقد كتب بعض المتأخرين كتابًا مطبوعًا بعنوان (الإنسان ذلك العالم المجهول)، وتوسع في عجائب ما في الإنسان من الأعضاء والمفاصل ونحو ذلك؛ فعلى هذا لا مانع من تحنيط الحيوان، كبهيمة الأنعام والصيد والطيور والحشرات والديدان، ويكون القصد الاستفادة منها والتعلم لوظائف أعضائها وأخذ فكرة وعبرة من عجيب خلقها، ودلالتها على قدرة الخالق لها على غير مثال سبق، ولا بأس بشرائها وتبادلها وإمساكها، وإذا قيل: إنها صور لا روح فيها. نقول: نعم، ولكنها خلق الله -تعالى- لم يغير فيها شيء من أعضائها، إلا أنها أخرجت منها الأرواح التي بها تتحرك، فهي خلق الله وتكوينه، وليس لنا فيها سوى علاجها حتى يبقى الهيكل كما خلقه الله، والله أعلم.