تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
أخبار الآحاد
54079 مشاهدة
مناقشة من يقول اختلاف المحدثين في الحديث الواحد

2- ومنها قولهم: إننا نشاهد اختلاف المحدثين في الحديث الواحد ما بين مصحح له ومضعف، وطاعن في رواته وذاب عنهم، ونحو ذلك مما يسبب عدم اليقين بما قالوه، والتوقف في مروياتهم مخافة الخطأ. .
     فقد روى البخاري ومسلم أحاديث حكما بصحتها، ثم تعقبهما بعض العلماء - كالدارقطني - وذكروا فيها مطاعن.
     وكذا الترمذي كثيرا ما يصحح أحاديث في جامعه، ولا تكون صحيحة وهكذا ما اشتهر عن الحاكم في مستدركه.
     ولو كانت أمارات الصحة ظاهرة مفيدة للعلم لما وقع فيها هذا الاختلاف الكثير، فيقال: لقد اصطلح أهل الحديث على تمييز الصحيح الثابت من الحديث النبوي في رجاله ولفظه ومعناه مما يعرفونه به من غيره.
     ولم يكن العلماء بهذا الفن على استواء في العلم بهذه المميزات، مما كان سببا لمثل هذا الاختلاف ولا شك في تقدم أهل الصنعة في ذلك كالبخاري ومسلم والإمام أحمد ويحيى بن معين ونحوهم على غيرهم.
     فنحن عند اختلافهم نعمل بالترجيح الذي يكون بالأكثرية، كما يكون بالقوة وتمام المعرفة، وهذا ما تميز به البخاري ومسلم في صحيحيهما.
     وقد عرف أيضا أن الحكم بصحة الحديث لا يعتمد الإسناد دائما ، فقد يكون له طرق أخرى يعرفها من صححه، أو يكون هناك قرائن تقوي ثبوته لم يطلع عليها من طعن فيه.
     أما الترمذي فقد عرف عنه نوع من التساهل في التصحيح، ظهر ذلك بالتتبع. فحكمه بالصحة معتبر في الغالب. وقد يكون مقيدا بما ظهر له وإن خالفه غيره. وأما الحاكم فهو - وإن كان واسع الحفظ كثير الرواية - لكنه كثير التساهل في التصحيح، ولهذا لا يوثق غالبا بتصحيحه وحده.
     وقد تتبعه في مستدركه بعض العلماء كالذهبي فوافقوه على الكثير مما حكم بصحته، وخالفوه في كثير مع إيضاح وجه المخالفة ؛ مع أنه غالبا إنما يجزم بصحة السند دون المتن، وذلك مقيد بما ظهر له من حال الرواة . وهذه سنة الله في وجود هذا التفاوت بين خلقه.
     ولكن لا يلزم من الاختلاف في البعض التوقف في الجميع، فإن الغالب من أحاديث الصحيحين وغيرهما مما ثبت لم يقع فيه اختلاف بين المصححين والحمد لله.