الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
63135 مشاهدة print word pdf
line-top
موقف الروافض والنواصب من الصحابة رضي الله عنهم

[ويتبرءون من طريقة الرافضة الذين يبغضون الصحابة وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل.
ويمسكون عما شجَر بين الصحابة، ويقولون: إن هذه الآثار المَرْوِية في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون: إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون.
وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة.
ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم- إن صدر- حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم.
وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم .
ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب، فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له؛ بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كُفِّرَ به.
فإذا كان هذا في الذنوب المحققة؛ فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين: إن أصابوا؛ فلهم أجران، وإن أخطأوا؛ فلهم أجر واحد والخطأ مغفور ] .



(الشرح)* قوله: (ويتبرءون من طريقة الرافضة الذين يبغضون الصحابة وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل...):
من تمام الكلام على الصحابة رضي الله عنهم أن أهل السنة يتبرءون من طريقة الرافضة ومن طريقة الناصبة، وهما طريقتان متضادتان .
فالرافضة يبغضون الصحابة ويغلون في أهل البيت.
والنواصب بعكسهم، نصبوا العداوة لأهل البيت، ووالوا غيرهم. ولكن النواصب قليلون، إنما كانوا في أول الأمر في عهد بني أمية؛ كان هناك من يوالي بني أمية ويبغض عليا وأهل بيته، فسموا نواصب؛ لأنهم نصبوا العداوة لأهل البيت، ولكن الرافضة إلى الآن تسمي أهل السنة نواصب، وعندهم أن كل من أحب أبا بكر وعمر فقد نصب العداوة لعلي هو وذريته، وهذا خطأ وبهتان عظيم.
فأهل السنة يوالون الجميع ولا يعادونهم، والرافضة تزعم أن أبا بكر وعمر وعثمان وسائر الصحابة أعداء ألداء لعلي ولا يمكن لأحد أن يحب العدو وعدوه، فلا يمكن أن يوالي عليا ويوالي أعداءه ولا يجمع بينهما؛ لأن عندهم أنه لا يكون ولاء إلا ببراء، فإذا واليت عليا وأهل بيته تبرأ من الخلفاء الآخرين وإلا فقد عاديتهم، هكذا تزعم الرافضة.
فالرافضة هم الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم ويشتمونهم، ويلحقون بهم المثالب ويبحثون عن المعايب، ويولدون ويكذبون أكاذيب وتُرَّهَات، فيستحلون الكذب في نصرة مذهبهم، وفي الطعن والتشنيع على أهل السنة.
وفي عهد بني أمية وبالأخص بعد خلافة معاوية إلى آخر القرن من عام إحدى وأربعين إلى عام تسع وتسعين، كان بعض خلفاء بني أمية يسبون عليا على المنبر ويلعنونه ويتهمونه أنه اشترك في قتل عثمان إلى عهد عمر بن عبد العزيز الذي أبطل هذه العادة السيئة.
وكان هناك بالكوفة أشخاص يحبون عليا - من وزرائه وتلامذته في الكوفة- وساءهم وأحزنهم ما رأوه من سبه على رءوس الأشهاد ولعنه، فصاروا يجتمعون في أماكن خاصة لهم ويتذاكرون فضائله، ثم دخل معهم من أراد أن يغلو، فصار يدخل معهم أناس يكذبون في فضله، يخترعون أحاديث مكذوبة في فضله، ويزعمون بذلك أنهم يجذبون الناس إليه وينفرون الناس عن بني أمية.
ثم ازداد عدد هؤلاء فقسموا أنفسهم جماعات، وصاروا يتكتلون ويكثرون، وكلما ازداد كذبهـم وافتراؤهم زاد أتباعهم؛ لأن الناس يتبعون كل ناعق، فدخل مع هؤلاء من لم يكتف بهذا بل ضم إليه اختلاق الأحاديث والأخبار في ذم الصحابة الأطهار، وأنهم ظلموا عليا وأهل بيته وسلبوهم حقهم في الخلافة وتآمروا عليهم وغير ذلك من الأكاذيب والضلالات.
فمن عقيدة أهل السنة أنهم يتبرءون من طريقة الرافضة، الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، ويتبرءون أيضا من طريقة النواصب الذين يعادون أهل البيت عليا وذريته ويسبونهم.
والرافضة هم أشد الناس خصومة وبغضا للحق وأهله، وللسنة وأهلها، وعقيدتهم أبعد العقائد عن الدين وعن الإسلام؛ وذلك لأنهم بطعنهم في الصحابة رضي الله عنهم يطعنون في الدين وفي الشرع؛ لأن الشريعة إنما نقلت إلينا بواسطة الصحابة.
فالرافضة لما بالغوا في محبة علي وأهل بيته، عند ذلك اختلقوا أكاذيب في سب أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة وطلحة والزبير وسائر الصحابة وبالغوا في الحط عليهم وفي الكذب، وقدحوا فيهم، واعتقدوا أنهم قد ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، واعتقدوا أنهم كتموا وصية النبي صلى الله عليه وسلم؛ ففي زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاهم بأن يكون علي هو الإمام، ولكنهم اتفقوا كلهم- على زعم الرافضة- على كتمان الوصية فلم يفصحوا عنها، وبايعوا أبا بكر وهو ليس بوصي، ويسمون أبا بكر مغتصبا للخلافة وليس هو صاحبها، وهكذا عمر وعثمان ؛ كلاهما مغتصب.
ثم من طريقتهم: الطعن أيضا في القرآن؛ يقولون: إن هذا القرآن الذي بين أيديكم منقوص ومُصَحَّفٌ ومُحَرَّف ومزيد فيه، وأن الصحابة لما كتبوه كتموا ثلثيه، وزادوا فيه ما ليس منه، ونقصوا وكتموا كل ما يتعلق بأهل البيت وبفضائل أهل البيت ونحو ذلك. تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

فهم بذلك يدعون أن القرآن غير محفوظ والله تعالى يقول: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9].
وعلى زعمهم أيضا يكون علي قد أقر هذا القرآن المنقوص؛ لأنه كان يقرءوه ويتعبد به، ولم يرد عنه أنه شكك فيه، ولا أن هناك غيره. وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قيل له: هل عندكم شيء غير القرآن؟ فقال: لا، والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة؛ إلا فهما يؤتيه الله أحدا في القرآن وما في هذه الصحيفة. قيل: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وألا يقتل مسلم بكافر وهي صحيفة كتبها عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها الديات، وفيها بعض الإرشادات، ولم يكن فيها شيء مما يزعمونه، كالنص على الولاية أو نحو ذلك، ولا مسبة أبي بكر وعمر ونحوهم.
فسب الرافضة للصحابة وتتبعهم لمثالبهم، حملهم عليه الحقد الذي ألقاه الشيطان في قلوبهم لما رآهم غلوا في حب علي فقال لهم الشيطان: لا بد وأن تبغضوا غيره حتى تكونوا محبين له غاية المحبة.
فالحاصل أن أهل السنة يتبرءون من طريقة هؤلاء وهؤلاء، ويحبون ويتولون الجميع، آل البيت والصحابة كلهم، ولا يتبرءون من أحد.

* قوله: (ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها...):
من طريقة أهل السنة والجماعة أنهم يتوقفون عما شجر بين الصحابة ويقولون: الحكم بينهم عند الله تعالى.
فما حصل بينهم من القتال كوقعة الجمل وصفين، نقول في ذلك كما قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: تلك دماء طهَّر الله منها أسيافنا، أفلا نطهر منها ألسنتنا؟ فنحن نقول: الله هو الذي يحكم بينهم؛ فلا نتدخل، ونعتقد أن كلا منهم مجتهد؛ فعائشة وطلحة والزبير ومن معهم في وقعة الجمل كانوا يطالبون بقتلة عثمان ويرون أن بيعة علي لم تنعقد حتى يأتي بهؤلاء الثوار الذين قتلوا الخليفة الشرعي، وعلي يطالب بالطاعة والدخول في الولاية؛ لأنه هو الإمام العام.
وهكذا في موقعة صفين؛ أهل الشام يطلبون منه أن يسلم إليهم قتلة عثمان لأن معاوية وبني أمية كانوا يرون أنهم أولياء دم عثمان أما علي رضي الله عنه فكان يقول: لا أقدر على أن أسلمهم حتى تبايعوني وتجتمع الكلمة، فإذا اجتمعت الكلمة فهنالك نطلبهم ونقتلهم أفرادا، ولا نُبقي منهم أحدا.
ولكن لما لم يتم هذا، حصل ما حصل نتيجة هذا الاجتهاد الذي كان من الطرفين. ولذلك فنحن نتوقف فيما شجر بين الصحابة، ولا نصدق أيضا ما تتناقله الروافض والنواصب من المثالب والمعائب التي يقدحون بها في الصحابة ويسبونهم بها.
فهذه المثالب الموجودة في كتب الروافض كذب صريح؛ فإن الروافض قوم لا خلاق لهم ولا يتحاشون من الأكاذيب؛ ولذلك فإن كتبهم ملأى بالكذب.
وهناك مما يروون ما له أصل، ولكنهم يزيدون فيه ويحرفون الكلم عن مواضعه، حتى أنهم ينفون عن صاحب القصة أي مقصد صحيح، فتروى القصة على غير حقيقتها.
فما حصل بين الصحابة من قتال وحروب فإنهم معذورون فيه؛ لأنهم مجتهدون والمجتهد معذور؛ إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر الاجتهاد وخطؤه مغفور.
هذه عقيدة أهل السنة فيما شجر بين الصحابة، وعقيدة أهل السنة والجماعة فيما يرويه الرافضة والنواصب من المثالب والمعايب التي يطعنون بها في عدالة الصحابة، والتي يعتقدون أنهم لأجلها قد ارتدوا.
* قوله: (وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ...).
من عقيدة أهل السنة أن العصمة ليست إلا للرسل والصحابة ليسوا معصومين، بل هم بشر كسائر البشر يصدر منهم ذنوب، ويصيبون ويخطئون، إلا أنهم أفضل من غيرهم، فلكونهم أفضل من غيرهم نقول: هم أولى بأن يعذروا، ولكن لا نعتقد أنهم معصومون عن كبائر الإثم وصغائره وعن الذنوب كلها، بل يجوز صدور الذنب من أحدهم، ولكن إذا قدر أنه قد صدر من أحدهم ذنب، فإنه يمحى عنه لهذه الأسباب الخمسة: إما أن يكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم - فهم أحق الناس وأولاهم بشفاعته- أو ابتلي ببلاء كُفِّرَ به عنه.
هذه أسباب مغفرة الذنوب الحقيقية فكيف بالذنوب التي ليست حقيقية إنما هي أمور يجتهد فيها، فإن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور.
نقول: إن الذنوب عادة يغفرها الله بهذه الأسباب، وهذا ليس خاصا بالصحابة، بل ذلك ثابت لغيرهم، إذا أذنب الإنسان ذنبا، فإنه يغفر له بهذه الأسباب.
فمن أسباب المغفرة: التوبة الصادقة وهي أن يندم على ما مضى وما كان وما فعل، وأن يتخلى عن ذلك العمل الذي هو ذنب، وأن يعاهد الله على ألا يرجع إليه، ويكون صادقا في ذلك، وأن يرد الحقوق إلى أهلها.
ومن أسباب المغفرة: الحسنات: قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود: 114] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأتبع السيئة الحسنة تمحها فالحسنات: الأعمال الخيرية من صدقات، ومن أذكار، وصلوات وعبادات ونوافل ونحو ذلك، والمحافظة على الفرائض، والإكثار من النوافل، كالتهجد بالليل، والإكثار من قراءة القرآن، والإكثار من الصلوات في سائر الأوقات، والإكثار من الأدعية، والاستغفار، والتسبيح، والتحميد، والذكر، والصيام تطوعا، ومن الصدقة تطوعا، وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لعباد الله، فالحسنات هي الأعمال الخيرية وهي تكفر السيئات، وتمحو ما صدر من المسيء من الذنوب.
وكذلك من أسباب المغفرة: المصائب: فالمصائب تكفر الذنوب؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه .
فلذلك كان كثير من السلف يفرحون بالأمراض ونحوها كما نفرح نحن بالعافية والشفاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط .

كذلك من أسباب المغفرة: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لكن هذا إنما يكون في الآخرة.
كذلك من أسباب مغفرة الذنوب : الابتلاء والامتحان والفتن التي يبتلى بها الإنسان فالعقوبات إما عقوبات من الله، وإما عقوبات وتسليط لعباد الله على الإنسان، فهذا الابتلاء وهذه الفتنة تكون سببا لمغفرة الذنوب.
نقول: إن هذه الأسباب تكفر سيئات أولئك الصحابة إذا وقع منهم سيئات، مع أننا نشهد لهم بالفضل والسبق، فنقول للرافضة الذين يطعنون فيهم: كيف تطعنون فيهم بهذه الأمور التي أنتم أولى بها، فأنتم أكثر منهم ذنوبا، حيث إنكم طعنتم في الشرع، وطعنتم في الدين والقرآن، وطعنتم في الصحابة الذين هم أهل السبق، وجحدتم فضائلهم حتى غزواتهم ونفقاتهم، وقد زكاهم النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر بأن لهم من السوابق ما يفوقون به غيرهم، وأخبر بأن من أنفق مثال جبل أحد ذهبا لم يبلغ مُد أحدهم ولا نصيفه؛ يعني ولا نصف المد الذي هو ربع الصاع، والصاع هو أربع حفنات من يدين متوسطتين.
يقول: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ؛ وذلك لأنهم صدقوا في وقت الشدة، وجاهدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وحفظوا عنه شريعته، وبلغوها عنه، وقاموا بنصر سنته بعده أتم قيام، فكيف يدركهم من بعدهم، وكيف يقاسون بالرافضة الذين يسمون أنفسهم شيعة، ويزعمون أنهم يشايعون عليا وأهل بيته، وهم أعدى الناس له ولأهل بيته ؛ لأنهم لم يقبلوا ما جاء به، ولم يصدقوا بما أُثِرَ عنه، ولفقوا عليه وعلى أهل بيته الأكاذيب التي هو منها بريء، فكيف يكونون أذكى من الصحابة الذين هذه فضائلهم.
إذًا فطريقة أهل السنة هي محبة الصحابة على ما هم عليه، والشهادة لهم بالفضل والسابقة والبراءة من كل من يمقتهم أو يطعن في عدالتهم، أو يطعن في ديانتهم أو يسبهم، واعتقاد أن هؤلاء الذين يطعنون فيهم ويسبونهم أولى بالسب والبعد عن الله تعالى والبعد عن الخير وأهله.
وأن الصحابة هم أبر هذه الأمة وأعمقها علمًا وأقلها تكلفا، اختارهم الله لصحبة نبيه، واختارهم لتحمل دينه وتدبير شريعته، فهم أهل الفضل والكفاءة، فلن يصل إلى درجتهم ومرتبتهم أحد ممن جاء بعدهم، فكيف بهؤلاء الأنجاس والأوباش الذين يفضلون أنفسهم على أفضل الصحابة، بل يقومون بسبهم ولعنهم وشتمهم، ويمثلونهم بالأمثلة البشعة.
فأهل السنة يتبرءون من هؤلاء وهؤلاء، ويحبون جميع الصحابة ويَتَرَضَّوْنَ عنهم، ويشهدون لهم بما شهد الله به لهم من الفضل، وبما مدحهم به في كتابه، وبما ورد بفضلهم من الأحاديث الصحيحة التي تنص على فضلهم، وقد يجدها من طلبها في كتب أهل السنة، وفي القرآن أيضا من الآيات التي تدل على فضلهم الشيء الكثير.

هذه هي عقيدة أهل السنة، فمن تمسك بها في هذا الباب وغيره، فإنه لا يتأثر بما يسمع وما ينقل له من كتب الشيعة، التي امتلأت بالأكاذيب والعياذ بالله، نسأل الله العافية.

line-bottom