التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
4- الإيمان بالحوض وبيان صفته
[وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي صلى الله عليه وسلم رأس> ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، طوله شهر، وعرضه شهر، من يشرب منه شربة ؛ لا يظمأ بعدها أبدا]
الحوض: هو حوض يَرِدُهُ المؤمنون من أمة محمد اسم> صلى الله عليه وسلم ، وورد أيضا: رسم> أن لكل نبي حوضًا متن_ح> رسم> ولكن حوض نبينا أكثر واردًا؛ لأن أمته الذين اتبعوه أكثر من غيرهم، فَيَرِدُهُ من أمته المتمسكون والمتبعون له حق الاتباع، ويطرد ويُذَاد عنه الذين لم يتبعوه غاية الاتباع، ولم يتمسكوا بسنته من مبتدعة ومشركة ونحوهم، ممن لم يحقق اتباع سنته، وممن أشرك بالله ونحوهم.
ويعرفهم صلى الله عليه وسلم بعلامة الوضوء؛ لكونهم يأتون غُرًّا محجلين، بيض الوجوه وبيض الأيدي والأرجل من آثار الوضوء .
فهذا الحوض ورد فيه أحاديث كثيرة في صفته. وقيل: إنه الكوثر المذكور في القرآن: رسم> إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ قرآن> رسم> [الكوثر: ا] آية> وإن كان الصحيح أن الكوثر نهر في الجنة أعطاه الله إياه. قيل: إن هذا الحوض يصب فيه ميزابان من الكوثر .
ووصف ماؤه بأنه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وأن كيزانه وآنيته عدد نجوم السماء، وأن من شرب منه شربة لم يظمأ حتى يدخل الجنة، وأنه إنما يرده المتبعون للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه يُذَاد عنه الذين ارتدوا أو خالفوا ويقال له: إنهم قد ارتدوا، إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين على أدبارهم منذ فارقتهم ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث: رسم> إنه تأتي فرقة من أمتي، فإذا قربوا من الحوض أُحِيلَ بيني وبينهم، ثم تأتي فرقة ثانية فإذا قربوا صُرفوا، فلا أراه يخلص إليَّ إلا كهمل النعم متن_ح> رسم> يعني من كثرة المنحرفين وكثرة المبتدعين.
فالذي يؤمن باليوم الآخر يؤمن بهذا؛ وذلك لأن الناس يشتد ظمؤهم في يوم القيامة لطول الموقف، ولكن جعل الله للمؤمنين هذا الحوض؛ ليخفف عنهم ذلك الظمأ فيؤمن المسلمون والمؤمنون باليوم الآخر وبما فيه من التفاصيل، ويعتقدون أنها ثابتة حقيقية، وأنها على ما تواترت بها الأحاديث وثبتت به السنة، وهي من الأمور الغيبية التي يؤمنون بها، فتدخل في قول الله تعالى: رسم> الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ قرآن> رسم> [البقرة: 3] آية> يعني بما أخبروا عنه مما غاب عن أعينهم.
مسألة>