الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
66934 مشاهدة print word pdf
line-top
موقف أهل السنة والجماعة من الأحاديث التي فيها إثبات الصفات لله تعالى

[ ... إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه بما يخبر به؛ فإن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك؛ كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه ؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل ] .


(الشرح) قوله: (إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه بما يخبر به...):
عرفنا أن مذهب أهل السنة والجماعة في باب العقيدة يتوقف على النقل فالنقل مقدمٍ على العقل، والنقل هو النصوص المنقولة التي نقلت نقلا صحيحًا يقينيا، وردت في كتاب الله تعالى أو في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقف أهل السنة والجماعة عندها ويقولون بموجبها، ويعتقدون مدلولها، ويقدمون القول بها على ما تقتضيه العقول؛ لأن العقل مظنة للتغير والانقلاب.
فلا تأتي النصوص الصحيحة بشيء يخالف العقل الصريح السليم أصلاً، فأما الذين قدموا مقتضيات العقول على الأحاديث الصحيحة والنقول السليمة، فإنهم وقعوا في التناقض؛ وذلك لأن فرقة تثبت أمرًا وتقول: دل عليه العقل، ثم تأتي طائفة ثانية تنفيه وتقول: أنكره العقل، بل إن الواحد منهم يثبت الصفة زمانا- عشرين عاما مثلا وهو يثبتها- ويقول: دل عليها العقل، ثم يتغير بعد ذلك وينكرها ويقول: العقل ينكرها، فهذا عقل شخص واحد أثبت أمرًا واحدًا ثم نفاه، فالعبرة إذن بالنقل؛ لأنه هو الأصل والأساس ولا يأتي بما تحيله العقول السليمة.
بعد ذلك نقول: إن أهل السنة نقلت لهم الأحاديث فقالوا بموجبها، وصانوها عن التحريف والتعطيل، والتكييف، والتأويل، صانوها عن كل ما يخالفها، فلم يحرفوا الكلم عن مواضعه ويغيروه، أو يغيروا معانيه، فإن أهل الكتاب ذمَّهم الله بأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه، ومن تبعهم في تحريف الكلم عن مواضعه تغيير المعاني أو تغيير الألفاظ فإن فيه شبهًا منهم.
وكذلك لم يعطلوا معاني الصفات ولم يعطلوا الرب تعالى عن صفات الكمال، والتعطيل هو النفي؛ يعني ما نفوها وعطلوا الله عن هذا الصفات التي هي صفات الكمال. ولم يكيفوا؛ أي لم يسألوا عن الكيفية، ولم يثبتوا لله تعالى كيفية ذات ولا كيفية صفات؛ لقصور الأفهام عن الكيفيات، ولم يتأولوا شيئًا ويفسروه بتفاسير بعيدة لا تحتملها اللغة، ولم يمثلوا، ولم يشبهوا شيئًا من صفات الله بصفات المخلوقين كما يزعمه أعداؤهم الذين يرمونهم بالتشبيه.

line-bottom