تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق
51573 مشاهدة print word pdf
line-top
ومن قال كذلك صارت أحواله كلها بالله، وجوابه


ثم قال الكاتب: ومن قال كذلك صارت أحواله كلها بالله ولله أمرنا باتباعه.


جوابه أن يقال: كيف تكون أحوال الصوفي كلها بالله ولله مع أنه بشر يخطئ ويصيب ويرتكب الذنوب، وهو محل النقص والتقصير في أداء حقوق ربه وفي شكر نعمه: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن أفضل هذه الأمة -بعد نبيها- أبو بكر الصديق -رضى الله عنه- ومع ذلك فقد علّمه النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول في صلاته: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت إلخ. فإذا كان صديق الأمة -رضي الله عنه- يعترف بأنه قد ظلم نفسه ظلما كثيرا، فكيف يكون المتصوف معصوما وأحواله كلها بالله ولله؟
ونحن لا ننكر أن الله تعالى قد يوفق بعض أحبابه لتكون حركاته بالله، كما في الحديث القدسي عند البخاري عن أبي هريرة وفيه: فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به فإن معنى ذلك تسديده في أقواله وأفعاله، ولكنا لا نستطيع الجزم لشخص بعينه بأن أحواله كلها بالله ولله كما ذكر هذا الكاتب.
فأما قوله: أمرنا باتباعه فغير صحيح؛ فإن أغلب الصوفية سيما المتأخرين لهم شطحات خاطئة لا يجوز شرعا اتباعهم فيها، فقد ظهر بُعدهم فيها عن الصواب، ولهم أيضا طرق وأحوال مبتدعة، كالسماع والرقص والخلوة الطويلة والبعد عن العلم والعلماء، والاستغناء عن الوحي بالأوهام وحديث النفس الذي يخيل إليهم أنه وحي إلهام، فكيف يسوغ اتباعهم في هذه البدع ونحوها؟ وبأي نص أمرنا بذلك؟ مع العلم بأن الاتباع إنما يجب للرسول -صلى الله عليه وسلم- لأنه المبلغ عن الله، وقد ورد الأمر بذلك كما في قوله تعالى: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ .
وإنما يطاع ويتبع المخلوق متى وافق أمر الله ورسوله؛ فيكون اتباعه خاصا بما بلغه مما تحمله عن الله ورسوله، فالطواعية والاتباع في الحقيقة لله ورسوله، فمتى خالف المخلوق -مهما كانت مرتبته- صريح الكتاب والسنة وجب طرح قوله والرجوع إلى شرع الله، كما في قوله تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ .

line-bottom