اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
58658 مشاهدة
التحذير من التمدح بالعمل الصالح أمام الناس

...............................................................................


وكذلك أيضًا لا تتمدح أمام الناس بأعمالك فتقول: إني أصوم كذا من كل شهر ومن كل أسبوع تريد مدح الناس، إني تصدقت بكذا وكذا تريد مدح الناس، نيتك أن يمدحوك وأن يثنوا عليك، فإن هذا كله مما يحبط العمل ويفسد النية.
وكذلك أيضًا الذين يكثرون من الأعمال الصالحة مثلًا قد تبطل أعمالهم بهذه النية، مثل تكرار الحج إذا أصبح يتمدح إني حججت عشرين حجة واعتمرت خمسين عمرة أو ما أشبه ذلك قصده أن يمدح على ذلك، فإن هذا قد يحبط عمله، يجعل نيته لله تعالى سواء مدح أو ذم، وكذلك أيضًا الذين يقصدون بأعمالهم مصالح دنيوية قد تبطل أعمالهم إذا لم يقصدوا بها وجه الله تعالى.
ذكر الله عن أهل الجنة من أعمالهم كثرة الصدقات، وأنها لوجه الله أنهم يقول تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ هذه نيتنا لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا فهذا دليل على حسن النية، وأنه سبب للأجر في الآخرة، وكذلك أيضًا قال الله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ نيتهم بدعائهم غداة وعشيا صباحًا ومساءً وجه الله تعالى لا يريدون مدحًا ولا يريدون ثناء، نقول: إن الأعمال التي يعملها الإنسان في الدنيا صلاحها واستقامتها إنما هو بحسن النية، وبذلك يعرف أن النية هي مناط العمل، وأنها سبب في صلاحه أو فساده، فالإنسان عليه أن يحرص على إصلاح النية وعلى ألا يريد بها ما يفسدها.