إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
90982 مشاهدة print word pdf
line-top
الأنبياء جميعا ذوو نَسَب في أقوامهم

...............................................................................


فلما ذكر أنه ذو نسب قال له هرقل: كذلك الأنبياء تُبْعَثُ في أنساب قومها؛ يعني اختار الله تعالى من الأنبياء مَنْ يكون شريفًا في قومه، ومن يكون له مكانة ورفعة، ومنزلة رفيعة. فهكذا بعث الله تعالى نوحًا في وسط قومه، وكذلك هود وصالح وشعيب وإبراهيم ولوط ونحوهم، كل منهم كان من أشراف قومه، ومن أشهرهم، فكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم اختاره الله تعالى، وهو من أفضل قومه، ومن أشهرهم، ومن أشرفهم، ومن أصدقهم، كانوا يسمونه الأمين، فله مكانة، وله منزلة في قَوْمِهِ كسائر الأنبياء.
ولا شك أن هذه الميزة تُكْسِبُهُ فضلًا، وإن كان صلى الله عليه وسلم قد أخبر بأن الشرف هو التقوى، وأن شرف الدنيا وشهرتها وسمعتها لا تُقَرِّبُ عند الله، وإنما الذي ينفع الإنسان عَمَلُهُ؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وكذلك كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن الافتخار بالآباء الذين ماتوا، ويقول: ألا ينتهين أقوام عن فخرهم بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فَحْمٌ من فَحْمِ جَهَنَّمَ ويقول: إن الفخر إنما هو مؤمن تقي، أو فاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وآدم من تراب وهكذا كانوا. إنما يفخر الإنسان بأفعاله، لا بأفعال آبائه وأسلافه فإنها لا تنفعه.
وبكل حال، فإن هذا مما يَخْتَارُه الله تعالى أنْ يُبْعَثَ النبي من أشراف قومه، حتى يكون له مكانة، ولا يستطيعوا أن يجحدوه، وأن يجحدوا فضله، وأن يزدروه ويحتقروه، ولهذا بعثه الله ولو كان فقيرًا كما في قول الله تعالى: وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى كان فقيرًا، وكان يتيمًا، ولكن مع ذلك اختاره الله تعالى وفَضَّلَهُ، وكذلك ذكر الله قول المشركين: لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ يقترحون أن يكون الذي أُنْزِلَ عليه القرآن من أشرف الناس، لا يكون هذا اليتيم وهذا الفقير، ولكنَّ الله تعالى يَمُنُّ على مَنْ يشاء من عباده، كما أخبر بذلك لما أن المشركين قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا يقولونه لرسلهم، فقال رسلهم: إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فهذا فضل الله، وهذه مِنَّتُهُ على العرب عندما بعث منهم هذا النبي.

line-bottom