من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
50293 مشاهدة
نبذة عن الإمام البخاري وكتابه الصحيح

...............................................................................


فكان من أولئك المؤلفين البخاري رحمه الله اسمه محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري الجعفي جده الأقصى اسمه بردزبه فارسي أسلم على يد رجل من بني جعف، فصار يسمى الجعفي لكونه اهتدى على يديه. أما البخاري فإنه من حفظة الحديث ومن أئمته، ولد سنة مائة وأربع وتسعين، ومات سنة ست وخمسين ومائتين، انتقى هذه الأحاديث بأسانيده، واختار الرجال الذين يثق بهم، واختار مشاهير المحدثين وصار صحيحه أقوى الكتب وأفضلها وأصحها حتى قال فيه بعضهم:
صحيـح البخـاري لـو أنصفـوا
لمـا خـط إلا بـمـاء الـذهـب
يعني من قوة أسانيده وانتقائه للأحاديث.
وذكروا أنه يحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح، ولكنه يعد الحديث الواحد عشرة أحاديث أو عشرين بحسب طرق الحديث ورواياته، وكذلك أيضًا يعد الآثار التي عن الصحابة وعن التابعين فيحسبها أحاديث؛ لذلك وصل العدد الذي هو صحيح إلى مائة ألف.
أما كتابه هذا فحسب الإحصاء مع تكرار ما فيه بلغ سبعة آلاف وزيادة، ومع عدم التكرار ذكروا أنه نحو ألفين وسبعمائة وزيادة، بدون تكرار وبدون ذكر الآثار، الآثار التي فيه عن الصحابة رضي الله عنهم أو عن التابعين.