شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
74457 مشاهدة print word pdf
line-top
نسخ المصاحف في عهد عثمان بن عفان وإرسالها إلى الأمصار

...............................................................................


ثم في خلافة عثمان اختلف القراء؛ وذلك أن هناك قراء في الشام وقراء في العراق فوقع بينهم اختلاف؛ ذلك لأن الحفظ قد يكون فيه شيء من التَّغَيُّر، فلما اختلفوا؛ هؤلاء يخالفون هؤلاء بقراءة حروف أو بقراءة كلمات أو نحو ذلك؛ فجاء حذيفة إلى عثمان وقال: أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتابها. وذكر له أن بعضهم يخطئ بعضًا، هؤلاء يقرءون على حروف، وهؤلاء على حروف، فأشار على عثمان أن يكتب القرآن في مصاحف، وأن يرسل إليهم تلك المصاحف ليقتصروا عليها.
فعند ذلك التزم عثمان رضي الله عنه، فأمر بالمصحف الذي عند حفصة أن يحضر، وأمر أن ينسخ في مصحف مثل هذه المصاحف، في أوراق في كل ورقة صفحتان صفحة في الوجه الأول وصفحة في الوجه الثاني، قالوا: إنه نسخ ستة مصاحف، وأرسلها إلى الناس ليقتصروا عليها وينسخوا منها، أرسل إلى أهل العراق مصحفًا فصاروا يكتبون منه ويقابلونه على مصاحفهم، وإلى الشام مصحفًا، وإلى مصر مصحفًا، وإلى مكة مصحفًا، ولأهل المدينة مصحفًا، ولأهل اليمن مصحفًا، فاختص بواحد من تلك المصاحف، فكان يقرأ فيه للتأكد؛ وإلا فإنه كان يحفظ القرآن، والخلفاء بعده كانوا يحفظونه كله، والدليل على أنه يحفظه أنه كان يصلي الليل فيختم كل ليلة في ركعة واحدة، يقول فيه -لما قتل- بعضُ الشعراء:
ضحوا بأشمط عنـوان السجـود له
يُقَطِّـع الليـل تـسبيحـا وقرآنـا
ذكر بعض من نقل عنه يقول: راقبت عثمان ليلة في المسجد وإذا هو قائم، وإذا هو في كل حين يسجد ثم يقوم، ثم يواصل القيام، ثم يسجد ثم يقوم، يقول: فسألته فقال: إني أقرا القرآن في ركعة واحدة. يبدأ بعد صلاة العشاء ويختم في آخر الليل، ولا يفصله إلا بسجود التلاوة، إذا انتهى منه ركع ثم رفع ثم سجد ثم سلم، فيكون ورده ركعة واحدة يختم فيها القرآن كله، مما يدل على أن الله سهل عليه القراءة.
فالحاصل أنه لما نسخ هذه المصاحف استقر الأمر عليها، وصاروا يقتصرون على قراءته، أو على القراءة التي في هذه المصاحف، ورسمها كالرسم الموجود في هذه المصاحف المطبوعة، وهذا من حفظ الله تعالى للقرآن في قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ فتكفل الله تعالى له بحفظه وضمن له ذلك، فحُفِظ القرآن والحمد لله، ولم تعبث به الأيدي، ولم يتسلط عليه الأعداء، ولم يقدروا على تحريفه ولا زيادة فيه ولا تغيير.

line-bottom