باب بدء الوحي من صحيح البخاري
نسخ المصاحف في عهد عثمان بن عفان وإرسالها إلى الأمصار
...............................................................................
ثم في خلافة عثمان اسم> اختلف القراء؛ وذلك أن هناك قراء في الشام اسم> وقراء في العراق اسم> فوقع بينهم اختلاف؛ ذلك لأن الحفظ قد يكون فيه شيء من التَّغَيُّر، فلما اختلفوا؛ هؤلاء يخالفون هؤلاء بقراءة حروف أو بقراءة كلمات أو نحو ذلك؛ فجاء حذيفة اسم> إلى عثمان اسم> وقال: أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتابها. وذكر له أن بعضهم يخطئ بعضًا، هؤلاء يقرءون على حروف، وهؤلاء على حروف، فأشار على عثمان اسم> أن يكتب القرآن في مصاحف، وأن يرسل إليهم تلك المصاحف ليقتصروا عليها.
فعند ذلك التزم عثمان اسم> رضي الله عنه، فأمر بالمصحف الذي عند حفصة اسم> أن يحضر، وأمر أن ينسخ في مصحف مثل هذه المصاحف، في أوراق في كل ورقة صفحتان صفحة في الوجه الأول وصفحة في الوجه الثاني، قالوا: إنه نسخ ستة مصاحف، وأرسلها إلى الناس ليقتصروا عليها وينسخوا منها، أرسل إلى أهل العراق اسم> مصحفًا فصاروا يكتبون منه ويقابلونه على مصاحفهم، وإلى الشام اسم> مصحفًا، وإلى مصر اسم> مصحفًا، وإلى مكة اسم> مصحفًا، ولأهل المدينة اسم> مصحفًا، ولأهل اليمن اسم> مصحفًا، فاختص بواحد من تلك المصاحف، فكان يقرأ فيه للتأكد؛ وإلا فإنه كان يحفظ القرآن، والخلفاء بعده كانوا يحفظونه كله، والدليل على أنه يحفظه أنه كان يصلي الليل فيختم كل ليلة في ركعة واحدة، يقول فيه -لما قتل- بعضُ الشعراء:
ضحوا بأشمط عنـوان السجـود له | يُقَطِّـع الليـل تـسبيحـا وقرآنـا |
فالحاصل أنه لما نسخ هذه المصاحف استقر الأمر عليها، وصاروا يقتصرون على قراءته، أو على القراءة التي في هذه المصاحف، ورسمها كالرسم الموجود في هذه المصاحف المطبوعة، وهذا من حفظ الله تعالى للقرآن في قوله تعالى: رسم> إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ قرآن> رسم> فتكفل الله تعالى له بحفظه وضمن له ذلك، فحُفِظ القرآن والحمد لله، ولم تعبث به الأيدي، ولم يتسلط عليه الأعداء، ولم يقدروا على تحريفه ولا زيادة فيه ولا تغيير.
مسألة>