لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
لقاءات في دور القوات المسلحة والحرس الوطني
32788 مشاهدة print word pdf
line-top
ثواب الله للطائعين

الله تعالى ذكر أن الذين يعملون الصالحات يثيبهم الله في الدنيا، ويثيبهم في الآخرة، فمن ذلك قول الله تعالى: وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ نزلت في المهاجرين الذين هاجروا من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، وعدهم الله أنه يفتح عليهم الدنيا، وأنه يُغْنِيهم من فضله، وأنه يُبَدِّلهم بدل ما تركوه لله تعالى- تركوا أموالهم، وديارهم، وأهليهم، تركوها لله،- فعوضهم الله خيرا منه، فبهذه الآية فتح عليهم الدنيا، وأعطاهم ما كانوا تركوه، أو أكثر منه. فهذا معنى ما ذُكر أنه أخبر بأن الذين هاجروا في الله من بعد ظُلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة، ولأجر الآخرة أكبر، لا ينقص ما أُعطوه في الدنيا من حظهم عند الله تعالى، بل يجمع الله لهم الْأَجْرَيْنِ.
ومن ذلك قول الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ الحياة الطيبة في الدنيا هي: حياة السعادة، والرخاء، والطمأنينة، والرضا، ونحو ذلك، وهكذا يعيش المؤمن التقي إذا وفقه الله تعالى إلى الأعمال الصالحة، فإنه يحيا حياة طيبة-ولو كان فقيرا- يحيا حياة سعادة، يَلْتَذُّ بما أعطاه الله، ويجد في نفسه راحة، ويجد في قلبه طمأنينة، ويجد سعادة في حياته، ولا يجد قَلَقًا ولا اضطرابا، ولا ضيقا ولا هما ولا غَمًّا.
نذكر بعض الآثار: ذُكِرَ عن إبراهيم بن أدهم أنه زهد في الدنيا، وزهد في أهلها، وكان من الأثرياء، ومن أهل الرفاهية في أول شبابه، ولكن ترك ذلك كله، فكان عيشه أنه يشتري رغيفا– قد يكون ذلك الرغيف يابسا- ثم يشرب عليه ماء- قد يكون ذلك الماء أُجاجا- ومع ذلك ينعم نعيما لا يوازيه شيء، فيقول: لو يعلم الملوك، وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف! يعني: أننا في لذة، وفي نعمة لا تعادلها نعمة الملوك الذين يُرَفِّهُون عن أنفسهم، والذين ضحكت لهم دنياهم، نعيمنا الذي ننعم به أكبر وأعظم من نعيمهم الذي يتنعمون به في الدنيا، هذا النعيم هو لذة قلوبهم، هذا النعيم هو راحة أنفسهم، وهو سرورهم بما أعطاهم الله، وبما منَّ عليهم من نعيم رُوحِيٍّ قَلْبِيٍّ، نعمت به أجسادهم، ولو كانوا في جوع، وفي جهد، وغير ذلك. وكانوا إذا مسهم الجوع لا يسألون أحدا. ذُكر عنه اشتكى بعض زملائه شدة الجوع؛ فأملى عليه بيتين، قال اكتب:
أنـا حامـد أنـا ذاكرٌ أنـا شـاكرٌ
أنـا جائعٌ أنـا حاسرٌ أنـا عاري
هـي سـتة وأنـا الضمين بنصفها
فكـن الضميـنَ بنصفها يا باري
يعني: أنه لم يُعَلِّقْ قلبه وعمله إلا بالله تعالى، لما كتب هذين البيتين أعطاهما زميله الذي مسه الجوع، فلما خرج مدها إلى رجل قابله وهو على فرس، فاستدعاه وقال: اذهب معي، فصرف له من الطعام، ومن الفواكه ما يكفيه ويزيد، فقال: هذا أفضل من أن نسأل الناس، وأن نَتَكَفَّفَهُمْ! إذا عَلَّقْنَا قلوبنا بربنا فإنه يسهل لنا.
كذلك أيضا قال بعض الْعُبَّاد: إن في الدنيا جنةً من لم يَذُقْهَا لم يَذُقْ جنة الآخرة!
ما يريد بذلك البساتين والأنهار، ولا يريد الأشجار والثمار، ولا يريد الفواكه والخضار، وإنما يريد لذة الطاعة، أي: التلذذ بالعبادة؛ فإنها لذة لا تعدلها لذة.
وكذلك أيضا ذُكر عن بعضهم أنه قال: إنه لَيَمُرُّ بالقلب أوقاتٌ يرقص فيها طربا، أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا، إنهم لفي عيش طيب!! هذه الأوقات هي تَلَذُّذُهُمْ بالذِّكْرِ، وبالقراءة، وبالدعاء، وبالعبادة، ونحوها، يتلذذون بالصلاة، ويتلذذون بالقراءة والذِّكْرِ، ويتلذذون بكل أنواع الطاعة، ويرون لها وَقْعًا في نفوسهم، ويجدون لها لذة لا تُعَادِلُهَا لذة أهل الدنيا- أهل الشهوات- شهوات محرمة أو غيرها.

line-bottom