إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
129197 مشاهدة
السبب في عدم تعرف الكثيرين على الله

...............................................................................


وإذا قيل: لماذا الخلق الكثير لم يعرفوه ولم يعترفوا بحقه، ولم يعبدوه حق عبادته مع أنه تعرَّف إلى عباده بهذه المخلوقات التي نصبها دالة على عظمته؟ فالجواب أنه تعالى أخبر بأن الكثير من عباده لا يتفكرون ولا ينظرون، ولا يعتبرون فيما بين أيديهم وفيما خلفهم، وأنه سلط عليهم ما أذهب بصائرهم، وذلك بأنه خلق الخلق وجعل منهم قسمًا للنار وقسمًا للجنة قال الله تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ .
فهؤلاء الذين ينظرون في آيات الله تعالى، وينظرون في مخلوقاته، ويسمعون كلامه يتلى عليهم، وكذلك أيضًا لهم عقول ولهم أفهام؛ لكن عقولهم وأفهامهم عقول معيشية دنيوية. لا يتفكرون إلا في أمورهم الدنية، في أمور الدنيا؛ لذلك صدهم نقص عقولهم عن أن يتفكروا في المخلوقات، وإلا فلو تفكروا في أدنى المخلوقات إليهم أو في أنفسهم لعرفوا عظمة من خلقهم، لو تفكروا في خلق أنفسهم لعرفوا عظمة الخالق الذي أوجد الإنسان على هذه الخلقة هذه الكيفية، وكذلك لو تفكروا في المخلوقات صغيرها وكبيرها لعرفوا أيضًا أنه سبحانه هو الذي أوجدها وأنه أهل أن يعبد. ثم من حكمة الله تعالى أنه سلط الأعداء الذين يصدون عن سبيل الله، وإلا لو لم يكن هناك أعداء يصدونهم عن السبيل لما حصل هذا الإعراض وهذا الابتعاد من كثير من العباد.