اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح كتاب دليل الطالب لنيل المطالب
73196 مشاهدة
المسح على الجبيرة

...............................................................................


الفصل الذي بعده يتعلق بالجبيرة: قديما إذا انكسر العظم يجبرونه بألواح. إذا انكسر الذراع يأخذون قطعة لوح أو لوحين ويواسون العظم رؤوس العظام المتكسرة بعضها ببعض، ثم يجعلون عليه هذه الجبيرة ويعقدونها بخيوط. هذه الجبيرة قد تبقى شهرا أو شهرين. في هذه الحال كيف يتوضأ؟ نقول له: اغسل ما ظهر وهو الكف وبعض الذراع والمرفق وما حوله، وامسح على الجبيره تبل يدك وتمسح عليها كلها.
اشترطوا للمسح عليها أن يضعها على طهارة، وهذا الشرط فيه نظر؛ وذلك لأن الكسر قد يقع بغتة كما يحصل في الحوادث ينكسر -مثلا- ساعده الذراع أحد الساعدين أو كلاهما، أو ينكسر مثلا إصبعه، أو قدمه فيبادرون به إلى من يجبره ولا يقولون له: توضأ. في ذلك مشقة إذا قلنا له: توضأ قبل أن يجبر فيه مشقة، وعليه مشقة فإذا قلنا له: كل وقتك فيه خطر أنت لا تدري متى تنكسر فكن دائما على وضوء، هل نقول نلزمه بذلك؟ إذا فالصحيح أنه لا يشترط وضعها على طهارة بل لو وضعت الجبيرة على غير طهارة جاز ذلك، وجاز أن يمسح عليها.
الشرط الثاني: ألا تتجاوز محل الحاجة. يعني أن تكون بقدر الحاجة يعني: يضعها على محل الكسر، وهذا هو الذي كان معتادا، لكن في هذه الأزمنة يضعون ما يسمى بالجبس والذين يضعونه يزيدون. الكسر يمكن أن محله عرض ثلاث أصابع، ولكنهم يجعلون الجبس على الذراع كله يعني: من الكف إلى المرفق يجعلون عليه هذا الجبس، ولا شك أن هذا فيه مجاوزة للحد محل الحاجة، فعلى هذا كيف يفعل؟ يغسل الكف ويمسح على الجبيرة ويغسل إذا كان المرفق بارزا يغسله ويتيمم عن هذا الزائد الذي زائد عن قدر الحاجة مع مسحه عليه. يغسل الصحيح ويمسح على الجبيرة التي لم تتجاوز قدر الحاجة، ويجزيه عن التيمم، ويتيمم إذا كانت تجاوزت قدر الحاجة. يجب مع غسل الصحيح أن يتيمم لما زاد، وأما إذا وضعت على غير طهارة، فالصحيح أنه يجزئ المسح عليها ولا يحتاج إلى التيمم.
فقوله: ولا مسح ما لم توضع على طهارة. الصحيح أنه يمسح عليها ولو وضعت على غير طهارة، وأما مجاوزة المحل فيمسح عليها ويتيمم، ولا يلزمه أن يقلعها.